الصحيح قالت سألت سألت أبا الحسن (ع) عن الحرم واعلامه فقال إن ادم (ع) لما هبط على أبى قبيس شكى إلى ربه الوحشة وانه لا يسمع ما كان يسمع في الجنة فأنزل الله عليه ياقوتة حمراء فوضعها في موضع البيت فكان يطوف به ادم فكان يبلغ ضوئها مواضع الاعلام فعلمت الاعلام علي ضوئها فجعله الله حرما وروى الكليني عن زرارة باسنادين أحدهما حسن بإبراهيم قال كنت قاعدا إلى جنب أبى جعفر وهو (مجتبئ) مستقبل القبلة فقال إما ان النظر إليها عبادة فجائه رجل من بحيلة يقال له عاصم بن عمر فقال لأبي جعفر (ع) ان كعب الأحبار كان يقول إن الكعبة تسجد لبيت المقدس في كل غداة فقال أبو جعفر (ع) فما تقول فيما قال كعب فقال صدق ما قال كعب فقال إنه أبو جعفر (ع) كذبت وكذب كعب الاخبار معك وغضب قال زرارة ما رايته استقبل أحدا يقول كذبت غيره ثم قال ما خلق الله عز وجل بقعة في الأرض أحب إليه منها ثم اومى بيده نحو الكعبة والا أكرم على الله عز وجل منها لها حرم الله و الأشهر الحرم في كتابه يوم خلق السماوات والأرض ثلثة للحج متوالية شوال وذو القعدة وذو الحجة وشهر مفرد للعمرة وهو رجب وعن معوية بن عمار باسنادين فيهما حسن بإبراهيم عن أبي عبد الله قال إن الله تبارك و [تع] حول الكعبة عشرين ومائه رحمة منها ستون للطائفين وأربعون للمصلين وعشرون للناظرين وعن ابن سنان في الحسن بإبراهيم قال سألت سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل ان أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات ما هذه الآيات البينات قال مقام إبراهيم حيث قام على الحجر فاثرت فيه قدماه والحجر الأسود ومنزل إسماعيل (ع) وروى ابن بابويه عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال وجد في حجر اني انا الله ذو بكة صنعتها يوم خلقت السماوات والأرض ويوم خلقت الشمس والقمر وحففتها بسبعة املاك (أفلاك) حتفا مبارك لأهلها في الماء واللبن يأتيها رزقها من ثلثة سبل من أعلاها وأسفلها والثنية لا بعده وعن إسماعيل بن همام في الصحيح عن الرضا (ع) أنه قال الرجل اي شئ السكينة عندكم فلم يدر القوم ما هي فقالوا جعلنا الله فداك ما هي قال ريح يخرج من الجنة طيبة لها صورة كصورة وجه الانسان تكون مع الأنبياء (ع) وهي التي نزلت على إبراهيم حين بنى الكعبة فأخذت ماخذ كذا وكذا وبنى الأساس عليها وروى الكليني عن معوية بن عمار في الحسن بإبراهيم عن أبي عبد الله (ع) قال لما أفاض آدم من منى فلفته الملائكة فقالوا يا ادم بر حجك إما اننا قد حججنا هذا البيت قبل ان تحجه بألفي عام وعن سعيد بن عبد الله الأعرج في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إن قريشا في الجاهلية هدموا البيت فلما أرادوا بنائه حيل بينهم وبينه وألقى في ورعهم الرعب حتى قال قائل منهم ليأت كل رجل منهم بأطيب ماله ولا تأتوا بمال اكتسبتموه من قطيعة رحم أو من حرام فخلى بينهم وبين بنائه فبنوه حتى انتهوا إلى موضع الحجر الأسود فتشاجروا فيه أيهم يضع الحجر الأسود في موضعه حتى كاد ان يكون بينهم شر فحكموا أول من يدخل في باب المسجد فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله فلما اتاهم أمر بثوب فبسط ثم وضع الحجر في وسطه ثم أخذت القبائل بجوانب الثوب فرفعوه ثم تناوله صلى الله عليه وآله فوضعه في موضعه فخصه الله به ونقل ابن بابويه هذه الرواية في الموثق ثم قال وروى أن الحجاج لما فرغ من بناء الكعبة سأل علي بن الحسين ان يضع الحجر في موضعه فاخذه ووضعه في موضعه وروى ابن بابويه عن سعيد الأعرج في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال انما سمى البيت العتيق لأنه أعتق من العرفة واعتق الحرم معه كف عنه الماء وروى الكليني عن أبان بن عثمن في الحسن بإبراهيم عمن اخبره عن أبي جعفر (ع) قال قلت له لم سمى البيت العتيق قال هو بيت حر عتيق من الناس لم يملكه أحد وروى ابن بابويه عن الفضيل عن أبي جعفر (ع) قال انما سميت بكة لأنه يبتك بها الرجال والنساء والمرأة فصلى بين يديك وعن يمينك وعن شمالك و معك ولا باس بذلك وانما يكره في ساير البلدان وعن حريز بن عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال كان الحجر الأسود أشد بياضا من اللبن فلولا ما مسه من أرجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة الإبر أو عن عبد الله بن سنان في الصحيح انه سأل سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل ومن دخله كان آمنا فقال من دخل الحرم مستجيرا به فهو امن من سخط الله عز وجل وما دخل من الطير والوحش كان أمنا من أن يهاج أو يؤذى حتى يخرج من الحرم وروى الكليني عن عيسى بن يونس قال كان ابن أبي العوجاء من تلامذة الحسن البصري فانحرف عن التوحيد فقيل له تركت مذهب صاحبك ودخلت فيما لا أصل له ولا حقيقة فقال إن صاحبي كان مخلطا كان يقول طورا بالقدر وطورا بالجبر وما اعتقد مذهبا دام عليه وقدم مكة متمردا وانكارا على من يحج وكان يكره العلماء مجالسته ومسائلته لخبث لسانه وفساد ضميرة فاتى سألت أبا عبد الله (ع) فجلس إليه في جماعة من نظرائه فقال يا سألت أبا عبد الله ان المجالس أمانات ولابد لكل من به سؤال ان يسئل أفتأذن لي في الكلام فقال تكلم فقال إلى كم تدوسون هذا البيدر وتلوذون بهذا الحجر وتعبدون هذا البيت المرفوع بالطوب المدر ويهرولون حوله هرولة البعير إذا نفر ان من فكر في هذا وقدر وعلم أن هذا فعل (اسه) أسسه غير حكيم ولا ذي نظر فقيل فإنك رأس هذا الامر وسنامه وأبوك اسه وتمامه فقال أبو عبد الله (ع) ان من أضله الله واعمى قلبه استوخم الحق فلم يستعذبه فصار الشيطان وليه وقرينه وربه يورده مناهل الهلكة ثم لا يصدره وهذا بيت استعبد الله به خلقه ليختبر طاعتهم في اتيانه فحثهم على تعظيمه وزيارته وجعله محل أنبيائه وقبلة للمصلين إليه فهو شعبة من رضوانه وطريق يؤدى إلى غفرانه منصوب على استواء الكمال ومجمع العظمة والجلال خلقه الله قبل دحو الأرض بألفي عام فأحق من أطيع فيما أمر وانتهى عما نهى عنه وزجر الله المنشى الأرواح والصور وروى الكليني عن أمير المؤمنين (ع) مرسلا أنه قال في خطبة له ولو أراد الله جل ثناؤه بأنبيائه حيث بعثهم ان يفتح لهم كنوز الذهبان ومعادن (القيعان) البلدان ومغارس الجنان وان يحشر طير السماء ووحش الأرض معهم لفعل ولو فعل لسقط البلاء وبطل الجزاء واضمحل الابتلاء ولما وجب للقائلين أجور المبتلين ولا لحق المؤمنين ثواب المحسنين ولا لزمت السماء أهاليها على معنى مبين وكذلك لو انزل الله من السماء أية فظلت أعناقهم لها خاضعين ولو فعل لسقط البلوى عن الناس أجمعين ولكن الله جل ثناؤه جعل رسله أولي قوة في عزائم نياتهم وضعفة فيما ترى الا غير من حالاتهم من قناعة يملا القلوب والعيون غنا وخصاصة يملا الاسماع والابصار اناؤه ولو كانت الأنبياء أهل قوة لا ترام وعزة لا تضام وملك يمد نحوه أعناق الرجال ويشد إليه عقد الرجال لكان أهون على الخلق في الاختبار وابعد لهم من الاستكبار ولآمنوا عن رهبة قاهرة لهم أو رغبة مائلة بهم فكانت النيات مشتركة والحسنات مقتسمة ولكن الله أراد ان يكون الاتباع لرسله والتصديق بكتبه والخشوع لوجهه والاستكانة لامره والاستسلام إليه أمورا له خاصة لا يشوبها من غيرها شائبة وكل ما كانت البلوى والاختبار أعظم كانت المثوبة والجزاء اجزل الا ترون ان الله جل ثناؤه اختبر الأولين من لدن ادم إلى آخرين من هذا العالم (بأحجاره) ما تضر ولا تنفع ولا يبصر ولا تسمع فجعلها بيته الحرام الذي جعله للناس قياما ثم جعله بأوعر بقاع الأرض حجرا وأقل نتائق الدنيا مدرا وأضيق بطون الأودية معاشا واغلظ محال المسلمين مياها بين جبال خشنة ورمال دمثة وعيون وشلة وقرى منقطعة واثر من مواضع قطر السماء واثر ليس يزكو به خف ولا ظلف ولا حافر ثم أمر ادم و ولده ان يثنوا أعطافهم نحوه فصار مثابة لمنتجع أسفارهم وغاية لملقى رحالهم تهوى إليه ثمار الأفئدة من مفاوز قفار متصلة وجزائر بحار منقطعة ومهاوى فجاج عميقة حتى يهزوا مناكبهم ذللا يهللون لله حوله ويرملون على اقدامهم شعثا غبرا له قد نبذوا القنع والسرابيل وراء ظهورهم وحشروا بالشعور حلقا عن رؤوسهم ابتلاء عظيما واختبارا كثيرا وامتحانا شديدا وتمحيصا بليغا وقنوتا منبينا (منيبا) جعله الله سبيا لرحمته ووصلة ووسيلة إلى خبته وعلة لمغفرته وابتلاء للخلق برحمته ولو كان الله تبارك و [تع] وضع بيته الحرام ومشاعره العظام بين جنات وأنهار وسهل وقرار جم الأشجار وافى الثمار (ملتف النبات) متصل القرى من برة سمراء وروضة خضراء وأرياف محدقة وعراص مغدقة وزروع ناضرة وطرق عامرة وحدائق كثيرة لكان قد صغر الجزاء على حسب ضعف البلاء لو كانت الأساس المحمول عليها أو الاحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء وياقوته حمراء ونور وضياء لخفف ذلك مصارعة الشك في الصدور ولوضع مجاهدة إبليس عن القلوب ولنفى معتلج الريب من الناس ولكن الله عز وجل يختبر عبيده بأنواع الشدائد ويتعبدهم بألوان المجاهد ويبتليهم بضروب المكاره اخراجا للتكبر من قلوبهم واسكانا للتذلل في أنفسهم وليجعل ذلك أبوابا إلى فضله وأسبابا ذللا لعفوه وفتنه
(٥٤٨)