ويستحب التولية لمن يثق من نفسه بالقيام بشرائطها على الأعيان وتجب على الكفاية ويجب على الإمام تولية القضاة في البلاد فإن امتنعوا من الترافع إليه حل قتالهم طلبا للإجابة، ولو تعدد من هو بالشرائط وتساووا لم يجبر أحدهم على الامتناع إلا أن يلزمه الإمام عليه السلام، ولو لم يوجد سوى واحد لم يحل له الامتناع مطلقا بل لو لم يعرف الإمام بحاله وجب عليه تعريف حاله (لأن) القضاء من باب الأمر بالمعروف، ولا يجوز أن يبذل مالا ليليه إلا أن يعلم من تعين عليه أن الظالم لا يوليه إلا بالمال فيجوز بذله، ولا يجوز الولاية من قبل الظالم إلا إذا عرف من نفسه التمكن من الحكم بالحق فإن لم يعلم لم يحل له إلا مع الإلزام فيجوز إلا أن يكون الحكم في قتل من لا يحل قتله فيحرم مطلقا، ولو تعين وخاف على نفسه الخيانة وجب عليه الطلب وترك الخيانة فإن وجد من هو أصلح منه حرم عليه الطلب وللقاضي الاستخلاف مع الإذن صريحا أو فحوى أو بشاهد الحال كأن يكون ولايته متسعة لا تنضبط بالواحد، ولو منعه عن الاستخلاف حرم وكذا لو أطلق.
____________________
أقول: وجه القرب ما ذكره المصنف هنا (ولأن) البحث إنما هو في من بلغ شرائط الاجتهاد وكملت الشرائط فيه والزيادة على كمال الشرائط المعتبرة غير معتبرة (ويحتمل) عدمه لأن الأفضل أي الأعلم أقوى على تحصيل الحكم الشرعي بالاجتهاد ونظره أصون عن الخطأ (والتحقيق) إن التفاوت في العلم إنما هو بعدم علم المفضول بشئ مع علم الفاضل به وإلا لم يتحقق الأعلمية فلا يتساويان في جواز الترافع إليهما لأن نفي المساواة بينهما عام أي لا يتساويان في شئ من الأشياء لقوله تعالى: هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون (3) فهذا إنكار للمساواة في معنى النفي وإنما قلنا إن نفي المساواة عام لما ثبت في الأصول، فهذه المسألة ترجع إلى أن نفي الاستواء (هل) يقتضي العموم أو لا وقد حقق في الأصول والأقوى عندي ما هو الأقرب عند المصنف.