فإني أوصيك كما افترضه الله تعالى علي من الوصية وأمرني به حين إدراك المنية بملازمة تقوى الله تعالى فإنها السنة القائمة والفريضة اللازمة والجنة الواقية والعدة الباقية وأنفع ما أعده الانسان ليوم تشخص فيه الأبصار ويعدم عنه الأنصار.
وعليك باتباع أوامر الله تعالى - وفعل ما يرضيه واجتناب ما يكرهه والانزجار عن نواهيه - وقطع زمانك في تحصيل الكمالات النفسانية - وصرف أوقاتك في اقتناء الفضائل العلمية - والارتقاء عن حضيض النقصان إلى ذروة الكمال - والارتفاع إلى أوج العرفان عن مهبط الجهال - وبذل المعروف - ومساعدة الإخوان - ومقابلة المسئ منه بالإحسان والمحسن بالامتنان (وإياك) ومصاحبة الأرذال ومعاشرة الجهال فإنها تفيد خلقا ذميا وملكة ردية.
بل عليك بملازمة العلماء ومجالسة الفضلاء (فإنها) تفيد استعدادا تاما لتحصيل الكمالات وتثمر لك ملكة راسخة لاستنباط المجهولات (وليكن) يومك خيرا من أمسك.
وعليك بالصبر والتوكل والرضا - وحاسب نفسك في كل يوم وليلة - وأكثر من الاستغفار لربك - واتق دعاء المظلوم خصوصا اليتامى والعاجز فإن الله تعالى لا يسامح بكسر كسير.
وعليك بصلواة الليل فإن رسول الله صلى الله عليه وآله حث عليها وندب إليها وقال من ختم له بقيام الليل ثم مات فله الجنة (1)
____________________
(وهذا) آخر ما أردنا إيراده في هذا الكتاب والله أعلم بالصواب وإني ملتمس من أرباب الأذهان الوقادة والأفكار النقادة النظر إليه بعين الانصاف وإن وجدوا عيبا ستروه بمكارم أخلاقهم وإن قبل التأويل أولوه بسوابغ أفضالهم وإني أختم كتابي هذا بأبيات ختم بها بعض الفضلاء كتابه.