بعد اتفاقهم على أن أول وقت المغرب غروب الشمس في العلامة التي يعرف بها الغروب، فقيل بسقوط قرص الشمس بكماله، وهذا إنما يتم في الصحراء، وأما في العمران فلا. وقيل: برؤية الكوكب الليلي وبه قالت القاسمية واحتجوا بقوله: حتى يطلع الشاهد والشاهد النجم أخرجه مسلم والنسائي من حديث أبي بصرة. وقيل: بل بالاظلام وإليه ذهب زيد بن علي وأبو حنيفة والشافعي وأحمد بن عيسى وعبد الله بن موسى والامام يحيى لحديث: إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا فقد أفطر الصائم متفق عليه من حديث ابن عمر وعبد الله بن أبي أوفى. ولما في حديث جبريل من رواية ابن عباس بلفظ: فصلى بي حين وجبت الشمس وأفطر الصائم ولحديث الباب وغير ذلك.
وأجاب صاحب البحر عن هذه الأدلة بأنها مطلقة، وحديث: حتى يطلع الشاهد مقيد ورد بأنه ليس من المطلق والمقيد، وغايته أن يكون طلوع الشاهد أحد أمارات غروب الشمس، على أنه قد قيل إن قوله والشاهد النجم مدرج، فإن صح ذلك لم يبعد أن يكون المراد بالشاهد ظلمة الليل، ويؤيد ذلك حديث السائب بن يزيد عند أحمد والطبراني مرفوعا بلفظ: لا تزال أمتي على الفطرة ما صلوا المغرب قبل طلوع النجم وحديث أبي أيوب مرفوعا: بادروا بصلاة المغرب قبل طلوع النجم وحديث أنس ورافع بن خديج قال: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثم نرمي فيرى أحدنا موقع نبله وأما آخر وقت المغرب فذهب الهادي والقاسم وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وداود إلى أن آخره ذهاب الشفق الأحمر لحديث جبريل وحديث ابن عمرو بن العاص وقد مرا. وقال مالك وأبو حنيفة: إنه ممتد إلى الفجر وهو أحد قولي الناصر، وقد سبق ذكر ما ذهب إليه الشافعي.
وعن عقبة بن عامر: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا تزال أمتي بخير أو على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم رواه أحمد وأبو داود.
الحديث أخرجه أيضا الحاكم في المستدرك. وفي إسناده محمد بن إسحاق ولكنه صرح بالتحديث، وفي الباب عن العباس بن عبد المطلب عند ابن ماجة والحاكم وابن خزيمة في صحيحه بلفظ: لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم قال محمد بن يحيى: اضطرب الناس في هذا الحديث ببغداد فذهبت أنا وأبو بكر الأعين إلى العوام بن عباد بن العوام فأخرج إلينا أصل أبيه فإذا الحديث فيه.