باب الوضوء من لحوم الإبل عن جابر بن سمرة: أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت توضأ وإن شئت فلا تتوضأ، قال: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ نعم توضأ من لحوم الإبل، قال: أصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم قال: أصلي في مرابض الإبل؟ قال: لا رواه أحمد ومسلم.
الحديث روى ابن ماجة نحوه من حديث محارب بن دثار عن ابن عمر. وكذلك روى أبو داود والترمذي، وهو يدل على أن الاكل من لحوم الإبل من جملة نواقض الوضوء، وقد اختلف في ذلك فذهب الأكثرون إلى أنه لا ينقض الوضوء، قال النووي:
ممن ذهب إلى ذلك الخلفاء الأربعة وابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وأبو الدرداء وأبو طلحة وعامر بن ربيعة وأبو أمامة وجماهير من التابعين ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم: وذهب إلى انتفاض الوضوء به أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن يحيي وأبو بكر بن المنذر وابن خزيمة، واختاره الحافظ أبو بكر البيهقي، وحكي عن أصحاب الحديث مطلقا، وحكي عن جماعة من الصحابة كذا قال النووي: ونسبه في البحر إلى أحد قولي الشافعي وإلى محمد بن الحسن. قال البيهقي: حكي عن بعض أصحابنا عن الشافعي أنه قال: إن صح الحديث في لحوم الإبل قلت به. قال البيهقي: قد صح فيه حديثان: حديث جابر بن سمرة وحديث البراء، قاله أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه احتج القائلون بالنقض بأحاديث الباب، واحتج القائلون بعدمه بما عند الأربعة، وابن حبان من حديث جابر أنه كان آخر الامرين منه صلى الله عليه وآله وسلم عدم الوضوء مما مست النار. قال النووي في شرح مسلم:
ولكن هذا الحديث عام، وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاص، والخاص مقدم على العام. وهو مبني على أنه يبنى العام على الخاص مطلقا، كما ذهب إليه الشافعي وجماعة من أئمة الأصول وهو الحق، وأما من قال: إن العام المتأخر ناسخ فيجعل حديث ترك الوضوء مما مست النار ناسخا لأحاديث الوضوء من لحوم الإبل، ولا يخفى عليك أن أحاديث الامر بالوضوء من لحوم الإبل لم تشمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا بالتنصيص ولا بالظهور بل في حديث سمرة: قال له الرجل: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم وفي حديث البراء: توضأوا منها وفي حديث ذي الغرة الآتي: أفتتوضأ من لحومها؟ قال: