للنظار يأوون إليه * ومفزعا للهاربين من رق التقليد يعولون عليه * وكان كثيرا ما يتردد الناظرون في صحة بعض دلائله * ويتشكك الباحثون في الراجح والمرجوح عند تعارض بعض مستندات مسائلة * حمل حسن ظن بي جماعة من حملة العلم بعضهم من مشايخي علي أن التمسوا مني القيام بشرح هذا الكتاب * وحسنوا لي السلوك في هذه المسالك الضيقة التي يتلون الخريت (1) في موعرات شعابها والهضاب * فأخذت في القاء المعاذير: وأبنت تعسر هذا المقصد على جميع التقادير: وقلت القيام بهذا الشأن يحتاج إلى جملة من الكتب يعز وجودها في هذه الديار: والموجود منها محجوب بأيدي جماعة الابصار بالاحتكار والادخار كما تحجب الأبكار: ومع هذا فأوقاتي مستغرقة بوظائف الدرس والتدريس: والنفس مؤثرة لمطارحة مهرة المتدربين في المعارف كل نفيس: وملكتي قاصرة عن القدر المعتبر في هذا العلم الذي قد درس رسمه: وذهب أهله منذ أزمان قد تصرمت فلم يبق بأيدي المتأخرين الا اسمه:
لا سيما وثوب الشباب قشيب: وردن الحداثة بمائها خصيب: ولا ريب أن لعلو السن . طول الممارسة في هذا الشأن أوفر نصيب * فلما لم ينفعني الاكثار من هذه الاعذار ولا خلصني من ذلك المطلب ما قدمته من الموانع الكبار: صممت علي الشروع في هذا المقصد المحمود: وطمعت أن يكون قد أتيح لي أني من خدم السنة المطهرة معدود: وربما أدرك الظالع شئ والضليع وعد في جملة العقلاء المتعاقل الرقيع: وقد سلكت في هذا الشرح لطول المشروح مسلك الاختصار.
وجردته عن كثير من التفريعات والمباحثات التي تقضي إلى الا كثار لا سيما في المقامات التي يقل فيها الاختلاف: ويكثر بين أئمة المسلمين في مثلها الائتلاف: وأما في مواطن الجدال والخصام فقد أخذت فيها بنصيب من إطالة ذيول الكلام لأنها معارك تتبين عندها مقادير الفحول: ومفاوز لا يقطع شعابها وعقابها الأنحارير الأصول: ومقامات تتكسر فيها النصال علي النصال: ومواطن تلجم عندها أفواه الابطال بأحجار الجدال:
ومواكب تعرق فيها جباه رجال حل الاشكال والاعضال * وقد قمت ولله الحمد في هذه المقامات مقاما لا يعرفه الا المتأهلون: ولا يقف على مقدار كهنه من حملة العلم الا المبرزون. فدونك يا من لم تذهب ببصر بصيرته أقوال