الاتحاد ذاتا كالحمد منك لمنعم بأنعامه عليك في مقابلة ذلك الانعام فان الانعام من حيث الصدور من المنعم محمود به ومن حيث الوصول إليك محمود عليه. وتقديم الحمد الذي هو المبتدأ على لله الذي هو الخبر لا بد له من نكتة وإن كان أصل المبتدا التقديم وهي ترجيح مطابقة مقتضي المقام فإنه مقام الحمد والاسم الشريف وإن كان مستحقا للتقديم من جهة ذاته فرعاية ما يقتضيه المقام الصق بالبلاغة من رعاية ما تقضيه الذات * لا يقال الحمد الذي هو إثبات الصفة الجميلة للذات لا يتم الا بمجموع الموضوع والمحمول لأنا نقول لفظ الحمد هو الدال على مفهومه فقدم من هذه الحيثية وإن كان لا يتم ذلك الاثبات الا بالمجموع واللام الداخلة على اسمه تعالى تفيد الاختصاص الاثباتي وهو لا يستلزم القصر كما يستلزمه الثبوتي * والله اسم للذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد ولذلك آثره علي غيره من أسمائه جل جلاله وإنما كان هذا الاسم هو المستجمع لجميع الصفات دون غيره من الأسماء لأن الذات المخصوصة هي المشهورة بالاتصاف بصفات الكمال فما يكون علما لها دالا عليها بخصوصها يدل على هذه الصفات لا ما يكون موضوعا لمفهوم كلي وان اختص الاستعمال بها كالرحمن وهذا إنما يتم علي القول بان لفظ الله علم للذات كما هو الحق وعليه الجمهور لا للمفهوم كما زعمه البعض (1) وأصله الاله حذفت الهمزة وعوضت منها لام التعريف تخفيفا ولذلك لزمت ووصفه بنفي الولد والشريك لأن من هذا الصفة التي يكون اثباتها ذريعة من ذرائع منع المعروف لكون الولد مبخلة والشريك مانعا من التصرف رديفا لاثبات ضدها على سبيل الكناية. وإنما افتتح المصنف رحمه الله تعالى كتابه بهذه الآية مع امكان تأدية الحمد الذي يشرع في الافتتاح بغيرها لما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا أفصح الغلام من بني عبد المطلب علمه هذه الآية أخرجه عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة في مصنفه وابن السني في عمل اليوم والليلة من طريق عمرو بن شعيب أن أبيه أن جده قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ثم عطف تلك الصفة النفية صفة إثباتية مشتملة على إنه جل جلاله خالق الأشياء يأسرها ومقدرها دقها وجلها: ولا شك إن نعمة
(٧)