على الفرك فصلاته في ذلك الثوب كافية، لأن لو كان نجسا لنبه عليه حال الصلاة بالوحي، كما نبه بالقذر الذي في النعل. وأثبت السلت للرطب والحك لليابس من فعله (ص) كما في حديث الباب، وثبت أمره بالحت وقال: إنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو أذخرة وأجيب بأن ذلك لا يدل على الطهارة وإنما يدل على كيفية التطهير، فغاية الامر أنه نجس خفف في تطهيره بما هو أخف من الماء، والماء لا يتعين لإزالة جميع النجاسات كما حررناه في هذا الشرح سابقا، وإلا لزم طهارة العذرة التي في النعل لأن النبي (ص) أمر بمسحها في التراب ورتب على ذلك الصلاة فيها. قالوا: قال (ص): إنما هو بمنزلة المخاط والبزاق والبصاق كما في الحديث السابق، وأجيب بأنه موقوف كما قال البيهقي. قالوا: الأصل الطهارة فلا تنتقل عنها إلا بدليل. وأجيب بأن التعبد بالإزالة غسلا أو مسحا أو فركا أو حتا أو سلتا أو حكا ثابت، ولا معنى لكون الشئ نجسا إلا أنه مأمور بإزالته بما أحال عليه الشارع. فالصواب أن المني نجس يجوز تطهيره بأحد الأمور الواردة، وهذا خلاصة ما في المسألة من الأدلة من جانب الجميع. وفي المقام مطاولات ومقاولات والمسألة حقيقة بذاك، ولكنه أفضى الامر إلى تلفيق حجج واهية كالاحتجاج بتكرمة بني آدم. ويكون الآدمي طاهرا من جانب القائل بالطهارة، وكالاحتجاج بأنه فضلة مستحيلة إلى مستقذر. وبأن الاحداث الموجبة للطهارة، نجسة والمني منها، وبكونه جاريا من مجرى البول من جانب القائل بالنجاسة. وهذا الكلام في مني الآدمي، وأما مني غير الآدمي ففيه وجوه وتفصيلات مذكورة في الفروع فلا نطول بذكرها. (فائدة) صرح الحافظ في الفتح بأنه لا معارضة بين حديث الغسل والفرك، لأن الجمع بينهما واضح على القول بطهارة المني، بأن يحمل الغسل على الاستحباب للتنظيف لا على الوجوب، قال: وهذه طريقة الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث. وكذا الجمع ممكن على القول بنجاسته بأن يحمل الغسل على ما كان رطبا والفرك على ما كان يابسا، وهذه طريقة الحنفية، قال: والطريقة الأولى أرجح لأن فيها العمل بالخبر والقياس معا، لأنه لو كان نجسا لكان القياس وجوب غسله دون الاكتفاء بفركه كالدم وغيره فيما لا يعفى عنه من الدم بالفرك، ويرد الطريقة الثانية أيضا ما في رواية ابن خزيمة من طريق أخرى عن عائشة: كان يسلت المني من ثوبه بعرق الإذخر ثم يصلي فيه ويحته من ثوبه يابسا ثم يصلي فيه فإنه تضمن ترك الغسل في
(٦٧)