حديث إنزال وفد ثقيف بأنه حجة عليهم لا لهم، لأن قوله: ليس على الأرض من أنجاس القوم شئ إنما أنجاس القوم على أنفسهم بعد قول الصحابة قوم أنجاس صريح في نفي النجاسة الحسية التي هي محل النزاع، ودليل على أن المراد نجاسة الاعتقاد والاستقذار.
وعن حديث أبي ثعلبة بأن الامر بغسل الآنية ليس لتلوثها برطوباتهم، بل لطبخهم الخنزير وشربهم الخمر فيها يدل على ذلك ما عند أحمد وأبي داود من حديث أبي ثعلبة أيضا بلفظ: إن أرضنا أرض أهل كتاب وأنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر فكيف نصنع بآنيتهم وقدورهم؟ وسيأتي. ومن أجوبة الجمهور عن الآية ومفهوم حديث الباب بأن ذلك تنفير عن الكفار وإهانة لهم، وهذا وإن كان مجازا فقرينته ما ثبت في الصحيحين من أنه (ص) توضأ من مزادة مشركة، وربط ثمامة بن أثال وهو مشرك بسارية من سواري المسجد. وأكل من الشاة التي أهدتها له يهودية من خيبر. وأكل من الجبن المجلوب من بلاد النصارى، كما أخرجه أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر. وأكل من خبز الشعير والإهالة لما دعاه إلى ذلك يهودي، وسيأتي في باب آنية الكفار، وما سلف من مباشرة الكتابيات والاجماع على جواز مباشرة المسبية قبل إسلامها، وتحليل طعام أهل الكتاب ونسائهم بآية المائدة وهي آخر ما نزل، وإطعامه (ص) وأصحابه للوفد من الكفار من دون غسل للآنية ولا أمر به، ولم ينقل توقي رطوبات الكفار عن السلف الصالح ولو توقوها لشاع. قال ابن عبد السلام: ليس من التقشف أن يقول: اشتري من سمن المسلم لا من سمن الكافر لان الصحابة لم يلتفتوا إلى ذلك. وقد زعم المقبلي في المنار أن الاستدلال في بالآية المذكورة على نجاسة الكافر وهم لأنه حمل لكلام الله ورسوله على اصطلاح حادث، وبين النجس في اللغة وبين النجس في عرف المتشرعة عموم وخصوص من وجه، فالأعمال السيئة نجسة لغة لا عرفا، والخمر نجس عرفا وهو أحد الأطيبين عند أهل اللغة، والعذرة نجس في العرفين فلا دليل في الآية انتهى. ولا يخفاك أن مجرد تخالف اللغة والاصطلاح في هذه الافراد لا يستلزم عدم صحة الاستدلال بالآية على المطلوب، والذي في كتب اللغة أن النجس ضد الطاهر. قال في القاموس: النجس بالفتح وبالكسر وبالتحريك، وككتف وعضد ضد الطاهر انتهى. فالذي ينبغي التعويل عليه في عدم صحة الاحتجاج بها هو ما عرفناك، وحديث الباب أصل في طهارة المسلم حيا وميتا. أما الحي فإجماع، وأما الميت