مراتب الهضم بقواها المسخرة لهذا الامر وصيرتها بصنعه طبيعية يشبه الكيميا خالصه عن شوائب الغش والغل مصفاة عن الفضول مقشرة عن القشور في أربع مراتب للهضوم والإحالات إحداها في المعدة وابتداء هذا الهضم من الفم بدليل ان الحنطة الممضوغة تفعل في انضاج الدماميل والخراجات (1) ما لا يفعله المطبوخ بالماء وتمام هذا الهضم عندما يرد (2) على المعدة وينضج بحرارة جهنم المعدة التي إذا قيل لها هل امتلأت فتقول هل من مزيد فيتخلص عن ذنوب الفضلات بيد زبانية القوى المسخرة لهذا التعذيب والتهذيب للخارج عن طاعة الله البعيد عن الوحدة الجمعية الاعتدالية المنحرف عن صراط الله المستقيم من الطبيعة (3) المدبرة للأجسام على منهج الحكمة الإلهية فتصير شبيها بماء الكشك الثخين وهو المسمى بالكيموس والمرتبة الثانية إذا تم ما فعلت هذه القوى به في هذه الطبقة السفلى وفرغت من أفاعيلها المأمورة بفعلها ارتفع قليلا عن هذه الطبقة الهاوية المظلمة إلى طبقه أخرى هي الكبد فوقع بعد ذلك بيد قوى وسدنة أخرى من هذا الصنف فعملت فيه شبه العمل السابق من الطبخ والإذابة فانهضم في الكبد مره أخرى وسقط منه بعض ما بقي من الأكدار والفضول فصار أخلاطا أربعة متميزة بعض تمييز ومخلوطة بعض تخليط خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا لخروجها عن تمام التعصي عن الطاعة الإلهية وقربها عن الصلاح والانقياد لأمر الله ثم إن أصلح هذه الرفقاء الأربعة هو الجوهر المسمى بالدم فوقع قسط منها في مسالك العروق المسماة
(٩٢)