وتدبيره للقلب المؤيد والنفس الزكية المطمئنة تدبير الوالد للولد البار والزوجة الصالحة، وتدبيره للقلب المنكوس والنفس الأمارة بالسوء تدبير الوالد للولد العاق والزوجة السيئة، فمنكر لهما من وجه ومنجذب إلى تدبيرهما من وجه إذ لا بد له منهما فالروح العلوي يهم بالارتقاء إلى مولاه تشوقا وحنوا وتنزها عن الأكوان ومن الأكوان القلب والنفس فإذا ارتقى الروح يحنو القلب حنو الولد الحسن البار إلى الوالد ويحنو النفس إلى القلب حنو الوالدة الحنينة إلى ولدها وإذا حنت النفس ارتقت من الأرض وانزوت عروقها الضاربة في العالم السفلى وانكوى هواها وانجسمت مادتها وزهدت في الدنيا وتجافت من دار الغرور وأنابت إلى دار الخلود وقد تخلد النفس التي هي الام إلى الأرض بوضعها الجبلي لكونها من الروح الحيواني المجنس ومستندها في تكونها إلى الطبائع التي هي أركان العالم السفلى قال تعالى ولو شئنا لرفعناه ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فإذا سكنت النفس التي هي الام إلى الأرض انجذب إليها القلب المنكوس انجذاب الولد الميال إلى الوالدة المعوجة الناقصة دون الوالد الكامل المستقيم وينجذب الروح إلى الولد الذي هو القلب لما جبل عليه من انجذاب الوالد إلى ولده فعند ذلك يتخلف عن حقيقة القيام بحق مولاه وفي هذين الانجذابين يظهر حكم السعادة والشقاوة ذلك تقدير العزيز العليم.
وقال أبو سعيد القرشي الروح روحان روح الحياة وروح المماة فإذا اجتمعا عقل الجسم (1) وروح الممات هي التي إذا خرجت من الجسد يصير الحي ميتا وروح الحياة ما به مجاري الأنفاس وقوة الأكل والشرب وغيرهما.
وقال بعضهم النفس لطيفه مودعة في القالب منها الأخلاق والصفات المذمومة كما أن الروح لطيفه مودعة منها الأخلاق والصفات المحمودة وكما أن العين محل الرؤية، والسمع محل الاذن والأنف محل الشم والفم محل الذوق فهكذا النفس محل الأوصاف الذميمة والروح محل الأوصاف المحمودة وجميع أخلاق النفس وصفاتها من أصلين الطيش والشره وطيشها من جهلها وشرهها من حرصها وشبهت النفس في