لا يتفكر وباطل أيضا ان يقال بعض الأعضاء قامت به القوة المدركة لجميع هذه الادراكات لأنه يلزم ان يكون في البدن عضو واحد سامع مبصر متخيل متفكر عاقل فهم ولسنا نعلمه ولا نجد أي عضو هو.
وبه يظهر فساد قول القائل لعل القوة المدركة لجميع هذه الادراكات امر قائم بجسم لطيف محصور في بعض الأعضاء.
فانا نقول لو كان كذلك لكنا نجد من أبداننا موضعا مشتملا على جسم موصوف بكونه سامعا مبصرا عاقلا فاهما.
فان قلت هب انكم لا تعرفون ذلك الموضع لكن عدم علمكم بذلك لا يدل على عدمه.
قلنا نحن نعرف ذواتنا ونعرف انا نحن السامعون المبصرون والمتخيلون العاقلون فلو كان بعض الأجسام سواءا كان جزءا من البدن أو كان محصورا في جزء من البدن يكون موصوفا بتلك القوة المدركة بجميع الادراكات لجميع المدركات لم تكن حقيقتنا وهويتنا الا ذلك الجسم الموصوف بتلك القوة المنعوتة بجميع هذه الادراكات وإذا كان كذلك ثم لا نعرفه فلم نكن عارفين بحقيقة ذاتنا.
وأيضا قد علمت فيما سبق ان المدرك والحاس من جنس المدرك والمحسوس وإذا كان كذلك فيستحيل ان يكون جسم واحد بقوة واحده آله للسمع والبصر والذوق والتخيل والتعقل.
فان قلت هذا يرد عليكم حيث جعلتم قوه واحده مجرده سميعة بصيرة لامسه متخيلة عاقلة.
قلت هذه (1) القوى فروعات ومعاليل للقوة العقلية وهي تمام هذه القوى وفاعلها،