وعلة ذلك أن القوى الجسمانية المادية موادها قابله للتبدل والاستحالة والذبول وبسبب ذلك يعرض لها تبدل الأحوال اما كلا لها وضعفها فلتحلل المادة وذبولها واما عدم (1) تمكنها من الفعل الضعيف اثر القوى فالسر فيه ان القوى يناسب الأفاعيل وان هذه القوى لما كان من شانها الاشتداد والتضعيف والتبدل بالاستحاله كما علمت فهي متفاوتة الحدوث حسب تفاوت الاستعداد فإذا استعملت الاله الجسمانية في ادراك قوى أو فعل قوى فلا بد هناك من قوه قويه فيفيض من المبدء القوة القوية على تلك الاله ثم إذا استعملت اثر ذلك الفعل في فعل آخر ضعيف يعسر ذلك على تلك القوة لأنها لا تناسبه وانما المناسب لهذا الفعل الضعيف قوه ضعيفه والقوة انما تحدث تدريجا لا دفعه كما علمت فيما سبق ولأجل (2) ذلك لا يمكن للقوة القوية الفعل الضعيف كما لا يمكن للقوة الضعيفة الفعل القوى الا ترى ان القوة المحركة التي في الحجر العظيم لا يمكن لها التحريك البطئ لذلك الحجر في هويه ولا للحرارة الشديدة التسخين الضعيف لما يلاقيه.
واما القوى الغير الجسمانية فلكونها متساوية النسبة إلى جميع القوابل وغير متناهية القوة فلا جرم يجوز ان يصدر منها القوى والضعيف من الافعال بعضها عقيب بعض من جهة اختلاف الأسباب المخصصة فلأجل ذلك لا يضعف بكثرة الافعال ويقوى على القوى بعد الضعيف وعلى الضعيف بعد القوى.