الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٩ - الصفحة ٢٩٠
في الخارج في تمام الماهية والا لجاز ان يكون السواد مثل البياض في تمام الماهية لان المناسبة بين السواد والبياض لاشتراكهما في كونهما عرضين حالين في محل محسوس أتم من المناسبة بين المعقول من السماء الذي هو عرض غير محسوس حال في محل كذلك وبين السماء الموجودة التي هي جوهر موجود محسوس في الخارج محيط بالأرض.
والجواب ان المعقول من الشئ هو ماهيته التي هو بها هو موجودة بوجود غير جسماني ذي وضع وإشارة فقول القائل ان المعقول من السماء ليس بمساو للسماء الموجودة ان أراد به ان أحدهما معقول والاخر محسوس كان (1) صادقا وان أراد به ان المعقول من السماء ليس ماهية السماء فهو كاذب وان أراد به ان أحدهما جوهر والاخر عرض فليس كذلك كما مر.
واعلم أن المحقق الطوسي ره سلم في الجواب الذي ذكره عن هذا البحث في شرح الإشارات كون السماء المعقولة عرضا في محل مجرد وبين الفرق بين نسبه المعقول من السماء إلى محسوسها وبين مناسبة السواد والبياض بان الفرق بين الأولين فرق بين الطبيعة المحصلة تارة مع عوارض وتارة مع مقابلتها والفرق بين السواد والبياض فرق طبيعة الجنسية المحصلة تارة مع فصل يقومها نوعا وتارة مع فصل آخر يقومها نوعا مضادا للأول.
أقول: (2) ان التجريد عن العوارض المقارنة للماهية ليس من شرائط معقولية تلك الماهية إذ للعقل ان يتصور ماهية الانسان مثلا مع جميع عوارضه وصفاته ونعوته من كمه وكيفه وأينه ووضعه ومتاه وكذا بشكله وأعضائه وجوارحه كل ذلك على الوجه العقلي الكلى كما ثبت في باب علم الباري بالجزئيات والشخصيات على وجه عقلي

(1) ولكن التفاوت في الوجود لا ينافي التساوي في الماهية ولا سيما مع جواز كون افراد نوع واحد مادية ومجرده بل فرد واحد منه ماديا ومجردا في وقتين أو في وقت واحد باعتبارين فهذا الاستدراك مطوي في كلامه قدس سره س ره.
(2) أقول: هذا بحث سهل مع المحقق أعلى الله مقامه فان العوارض على الوجه الكلى العقلي مقابله للعوارض على الوجه الجزئي الحسى والتقابل بالعرض للنفي والاثبات.
على أن الوجود الذي ذكره المصنف قدس سره عارض وتعدده في هذه الافراد للطبيعة الواحدة ظاهر وفي الطبيعة العقلية باعتبار سلوب هذه الوجودات عنها س ره.
(٢٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 ... » »»
الفهرست