بأعمال قسنطينة وكان بنو سنجاس هؤلاء من أوسع القبائل وأكثرهم عددا وكان لهم في فتنة زناتة وصنهاجة آثار بإفريقية والمغرب وأكثرها في افساد السبيل والعيث في المدن ونازلوا قفصة سنة أربع عشرة وخمسمائة بعد أن عاثوا بجهات القصر وقتلوا من وجدوا هنالك من عسكر تلكاتة وخرجت إليهم حامية قفصة فأثخنوا فيهم ثم كثر فسادهم وسرح السلطان قائده محمد بن أبي العرب في العساكر إلى بلاد الجريد فشردهم عنها وأصلح السابلة ثم عادوا إلى مثلها سنة خمس عشرة فأوقع بهم قائد بلاد الجريد وأثخن فيهم بالقتل وحمل رؤسهم إلى القيروان فعظم الفتح ولم تزل الدولة فيهم بالقتل والاثخان إلى أن كسروا من شوكتهم وجاء العرب الهلاليون وغلبوا على الضواحي كل من كان بها من صنهاجة وزناتة وتحيز فلهم إلى الحصون والمعاقل وضربت عليهم المغارم الا ما كان ببلاد المغرب القفر مثل جبل راشد فإنهم لبعدهم عن منازل الملك لا يعطون مغرما إلا أنه غلب عليهم العمور من بطون الهلاليين ونزلوا معهم وملكوا عليهم أمرهم وصاروا لهم فيه ومن بنى سنجاس من نزل الزاب وهم لهذا العهد أهل مغارم لمن غلب على ثغورهم من مشايخهم وأما من نزل منهم ببلاد شلب ونواحي قسنطينة فهم لهذا العهد أهل مغارم للدول وكان دينهم جميعا الخارجية على سنن زناتة في الطبقة الأولى ومن بقي منهم اليوم بالزاب فعلى ذلك ومن بنى سنجاس هؤلاء بأرض المشيل من جبل بنى راشد وطنوا جبلا في جواره غمرة وصاروا عند تغلب الهلاليين في ملكهم يقبضون الإتاوة منهم ونزل منهم لهذا العهد الصحارى من بطون عروة من زغبة وغلبوهم على أمرهم وأصاروهم خولا (وأما بنو ريغة) فكانوا أحياء متعددة ولما افترق أمر زناتة تحيز منهم إلى جبل عياض وما إليه من البسيط إلى تعاوس وأقاموا في قياطينهم فمن كان بجبل عياض منهم أهل مغارم لأمراء عياض يقبضونها للدولة الغالبة ببجاية وأما من كان ببسيط تعاوس فهم في اقطاع العرب لهذا العهد ونزل أيضا الكثير منهم ما بين قصور الزاب وواركلا فاختطوا قصورا كثيرة في عدوتي واد ينحدر من المغرب إلى المشرق يشتمل على المصر الكبير والقرية المتوسطة والأطم قد رف عليها الشجر ونضدت حفا فيها النخيل وانساحت خلالها المياه وزهت ينابعها الصحراء وكثر في قصورها العمران من ريغه هؤلاء وبهم تعرف لهذا العهد وهم أكثرها ومن بنى سنجاس وبنى يفرن وغيرهم من قبائل زناتة وتفرقت جماعتهم للتنازع في الرياسة فاستقلت كل طائفة منهم بقصور منها أو بواحد ولقد كانت فيما يقال أكثر من هذا العدد أضعافا وان ابن غانية الستوفى حين كان يجلب على بلاد إفريقية والمغرب في فتنته مع الموحدين خرب عمرانها واجتث شجرها وغور مياهها ويشهد لذلك آثار
(٤٧)