أزره به وتوافى به كثير من الجند النازعين عن السلطان رهبة من بأسه وسخطة لحاله أو رغبة فيما عند عامر فرتبهم وأمسك الله يده عن العطاء فلم تنس بقطرة وطال مثوى السلطان بساحته وعلى حصاره ورتب المقاعد للمقاتلة وغاداه للقتال وراوحه وتغلب على حصونه شيئا فشيئا إلى أن تعلق بأعلى جبل تامسكروط وكان لابي بكر بن غازي غناء مذكور ويئس أصحاب عامر وأشياعه من عطائه وفسد ما بينه وبين علي بن عمر هذا فدس إلى السلطان يطلب الأمان وتوثق لنفسه ثم نزع إليه وداخله فارس بن عبد العزيز أخي عامر في القيام بدعوة السلطان والخلاف على عمه لما كان به؟؟ من ارهاف الحد وتفضيل ابنه أبى بكر عليه فبلغ خبره إلى السلطان واقتضى له وثيقة من الأمان والعهد بعث به إليه فثار بعمه واستدعى القبائل من الجبل فأجابوه واستحث السلطان للزحف إليهم فزحفت العساكر والجنود واستولت على معتصم الجبل ولما استيقن عامر ان قد أحيط به أوعز إلى ابنه أن يلحق بالسلطان مموها بالنزوع فألقى بنفسه إليه وبذل له الأمان وألحقه بجملته وانتبذ عامر عن الناس وذهب لوجهه ليخلص إلى السوس فرده الثلج وقد كانت السماء أرسلت به منذ أيام بردا وثلجا حتى تراكم بالجبل بعضه على بعض وسد المسالك فاقتحمه عامر وهلك فيه بعض حرمه ونفق مركوبه وعاين الهلكة العاجلة فرجع مخفيا أثره إلى غاراوى إليه مع أدلاء بذل لهم المال يسلكون به ظهر الجبل إلى الصحراء بالسوس وأقاموا ينتظرون إمساك الثلج وأقام وأغرى السلطان بالبحث عنه فدلهم عليه بعض البربر عثروا عليه فسيق إلى السلطان وأحضره بين يديه ووبخه فاعتذر ونجع بالطاعة ورغب في الإقالة واعترف بالذنب فحمل إلى مضرب بنى له بإزاء فسطاط السلطان واعتقل هنالك وتقبض يومئذ على محمد الكتاني فاعتقل وانطلقت الأيدي على معاقل عامر ودياره فانتهب من الأموال والسلاح والذخيرة والزرع والأقوات ما لا عين رأت ولا خطر على قلب أحد منهم واستولى السلطان على الجبل ومعاقله في رمضان في سنة احدى وسبعين لحول من يوم حصاره وعقد على هنتاتة لفارس بن عبد العزيز بن محمد ابن علي وارتحل إلى فاس واحتل بها آخر رمضان ودخلها في يوم مشهود برز فيه الناس وحمل عامر وسلطانه تاشفين على جملين وقد أفرغ عليهما الرث وعبثت بهما أيدي الإهانة فكان ذلك عبرة لمن رآه ولما قضى منسك الفطر أحضر عامر فقرعه بذنوبه وأوتى بكتابه بخطه يخاطب فيه أبا حمو ويستنجده على السلطان فشهد عليه وأمر به السلطان فامتحن ولم يزل يجلد حتى أنتن لحمه وضرب بالعصى حتى ورمت أعضاؤه وهلك بين يدي الوزعة وأحضر الكتاني ففعل به مثله وجنب تاشفين سلطانه إلى مصرعه فقتل
(٣٢٦)