التضييق والحصار بحضرة سليمان بن داود كما ذكرنا فانكفأ راجعا على عقبه فلما حاذى طنجة وبلاد غمارة ألقى بنفسه إليهم ونزل من الصفيحة من بلادهم واشتملت عليه قبائلهم وتسايلوا إليه من كل جانب وبايعوه على الموت وملك سبتة وطنجة وبها يومئذ السلطان أبو العباس بن أبي حفص صاحب قسنطينة لحق بها بعد الخروج من اعتقاله بسبتة كما ذكرناه فاختصه المولى أبو سالم بالصحبة والخلة والبواء في اغترابه ذلك إلى أن استولى على ملكه وألفى بطنجة الحسن بن يوسف الورتاجني وكاتب ديوان الجند أبا الحسن بن علي بن السعود والشريف أبا القاسم التلمساني كان منصور بن سليمان ارتاب بهم واتهمهم بمداخلة الوزير الحسن بن عمر بمكانه من البلد الجديد فصرفهم من معسكره إلى الأندلس فوافوا الأمير أبا سالم عند استيلائه على طنجة فصاروا إلى إيالته واستوزر الحسن بن يوسف واستكتب لعلامته أبا الحسن علي بن العسود واختص الشريف بالمجالسة والمراكبة ثم قام أهل الثغور الأندلسية بدعوته وأجاز يحيى بن عمر صاحب جبل الفتح بمن كان معه من العسكر وطالت؟؟ المولى أبى سالم واتسع معسكره وبلغ الخبر إلى الثائر على البلد الجديد منصور بن سليمان فجهز عسكرا لدفاعه وعقد عليه لأخويه عيسى وطلحة وأنزلهما قصر كتامة وقاتلوه فهزموه واعتصم بالجبل وبادر الحسن بن عمر من وراء الجدران فبعث طاعته إليه ووعده بالتمكين من دار ملكه وداخل بعض أشياع المولى أبى سالم مسعود بن رحو بن ماسى وزير منصور في النزوع إلى السلطان وكان قد ارتاب بمنصور وابنه على فنزع وانفض الناس من حول منصور وتخاذل أشياعه من بنى مرين ولحق بباديس من سواحل المغرب ومشى أهل العسكر بأجمعهم في ساقاتهم ومواكبهم على التعبية فلحقوا بالسلطان أبى سالم واستعدوه إلى دار ملكه فأغذ السير وخلع الحسن بن عمر سلطانه السعيد من الامر لتسعة أشهر من خلافته وأسلمه إلى عمه وخرج إليه فبايعه ودخل السلطان إلى البلد الجديد يوم الجمعة منتصف شعبان من سنة ستين واستولى على ملك المغرب وتوافت وفود النواحي بالبيعات وعقد للحسن بن عمر على مراكش وجهزه إليها بالعساكر ريبة بمكانه واستوزر مسعود بن رحو بن ماسى والحسن بن يوسف الورتاجني واصطفى من خواصه خطيب أبيه الفقيه أبا عبد الله محمد بن أحمد بن مرزوق وجعل إلى مؤلف هذا الكتاب توقيعه وكتابة سره وكنت نزعت إليه من معسكر منصور بن سليمان بكدية العرايس لما رأيت من اختلال أحواله ومصير الأوامر إلى السلطان فأقبل على وأنزلني بمحل التنوية واستخلصني لكتابته واستوسق أمره بالمغرب وتقبض شيعة السلطان بباديس على منصور بن سليمان وابنه على وقادوهم مصفدين إلى سدته وأحضرهم ووبخهم وجنبوا إلى مصارعهم فقتلوا
(٣٠٥)