فأعرض السلطان عن نصيحته لما كان شره إلى تملكها وصرفه إلى مكان عمله بالثغور الأندلسية ولما كانت نكبة القيروان وانتزى الأبناء بفاس وتلمسان أجاز البحر لحسم الداء ونزل بقساسة ثم انتقل إلى وطنه بتازى وجمع قومه بنى عسكر؟؟ السلطان أبى عنان قد هزم عساكر ابن أخيه وأخذ بمخنقه فأجلب عليه وبيته بمعسكره من ساحة البلد الجديد وعقد السلطان أبو عنان على حربه لصنيعته سعيد بن موسى العجيسي وأنزله بثغر بلاد بنى عسكر على وادى بوحلوا وتواقفا كذلك أياما حتى تغلب السلطان أبو عنان على البلد الجديد ثم أرسل عيسى بن الحسن في الرجوع إلى الطاعة وأبطأ عنه صريخ السلطان أبى الحسن بإفريقية فراجعه واشترط عليه فتقبل وسار إليه فتلقاه السلطان وامتلأ سرورا بمقدمه وأنزله بصدوره وجعل الشورى إليه في مجلسه واستمرت على ذلك حاله ولما حال ابن أبي عمرو انفرد بخلة السلطان ومناجاته وحجبه عن الخاصة والبطانة أحفظه ذلك ولم يبدها واستأذن السلطان في الحج فأذن له وقضى فرضه ورجع إلى محله من بساط السلطان سنة ست وخمسين ولقى ابن أبي عمرو ببجاية وتطارح عليه في أن يصلح حاله عند سلطانه فوعده في ذلك ولما وفد على السلطان وجده قد استبد في الشورى وتنكر للخاصة والجلساء فاستأذنه في الرجوع إلى محله من الثغر لإقامة رسم الجهاد فأذن له وأجاز البحر إلى جبل الفتح من سنته وكان صاحب ديوان العطاء بالجبل يحيى الفرقاجى وكان مستظهرا على العمال وكان ابنه أبو يحيى قدم برم بمكانه فلما وصل عيسى إلى الجبل اتبعه السلطان بأعطيات المسالح مع مسعود بن كندوس من صنائع دولته فسرب الفرقاجى إلى الضرب على يده شأنه مع ابنه أيام مغيبه وأنف عيسى من ذلك فتقبض عليه وأودعه المطبق ورد ابن كندوس على عقبه وأركبه السفين من ليلته إلى سبتة وجاهر بالخلعان وبلغ الخبر إلى السلطان أبى عنان فقلق لذلك وقام في ركائبه وقعد وأوعز بتجهيز الأساطيل وظن أنه قد تدبر من الطاغية وابن الأحمر وبعث أحمد بن الخطيب قائد البحر بطنجة عينا على شأنهم فوصل إلى مرسى الجبل وكان عيسى بن الحسين لما جاهر بالخلعان تمشت رجالات الثغر وعرفاء الرجل من غمارة الغزاة الموطنون بالجبل وتحدثوا في شأنه وامتنعوا من الخروج على السلطان وتآمروا وخالفه سليمان بن داود من عرفاء العسكر كان من خواصه وأهل شوراه وكان عيسى قد مكن قومه عند السلطان واستعمله على رندة فلما جاهر عيسى بالخلعان وركب ظهر الغدر خالفه سليمان هذا إلى طاعة السلطان وأنفذ كتبه وطاعته واشتبه عليه الامر فندم إذ لم يكن بنى أمره على أساس من الرأي فلما احتل أسطول أحمد بن الخطيب بمرسى الجبل خرج إليه وناشده الله والعهد أن يبلغ السلطان طاعته والبراءة مما صنع أهل
(٢٩٥)