ببيعة أبى سالم البطانة والوزراء والحاشية والأجناد ومن لافهم أو كان بالبلد الجديد مسكنه وأشاروا عليه بالمناجزة فخرج وقد عبى كتائبه فوقف وتهيب وخام عن اللقاء ووعدهم الاقدام بالغداة وكر راجعا إلى قصره فيئسوا منه وتسللوا لواذ إلى الأمير أبى ثابت وهو بمرقب من الجبل مطل عليهم حتى إذا انحجر أبو سالم بالبلد انحاش إليه الجملة دفعة واحدة فلما استوفت القبائل والعساكر لديه زحف إلى البلد الجديد مثوى السلطان وسياج قصوره ومختط عزمه وانتهى إلى ساحتها مغتنما الفرصة وخرج إليه أبو يزيد يخلف بن عمران الفودودى فأرجل عن فرسه يأمر أبى يحيى وقتل بين يديه قعصا بالرماح وكان قريب عهد بالوزارة استوزره السلطان قبيل مهلكه في شعبان من سنة ست وفر أبو سالم إلى جهة المغرب وصحبه من عشيره من أولاد رحو ابن عبد الله بن عبد الحق العباس وعيسى وعلى ابنا رحو وابن أخيهم جمال الدين بن موسى وأتبعهم الأمير أبو ثابت شرذمة من عسكره أدركوهم بندرومة فتقبضوا عليهم ونفذ أمر السلطان بقتل أبى سالم وجمال الدين واستبقى الآخرين وأمر باحراق باب البلد ليفتحها العسكر فأطل عليهم قهرمان دارهم عبد الله بن أبي مدين الكاتب وأخبره بفرار أبى سالم وباتفاق الناس على طاعته ورغب إليه في المسالمة ليلتهم حتى ينفجر الصباح خشية على دارهم من معرة العساكر وهجومها ففعل وأمره الأمير أبو يحيى باعتقال أبى الحجاج ابن شقيلولة فاعتقله لقديم من العداوة كان بينهما ثم أمر بقتله وانفاذ رأسه فقتل وأمر السلطان ليلتئذ باضرام النيران حتى إذا أضاء الظلام وبات راكبا ودخل القصر لصبحه فوارى جسده بعد أن صلى عليه وغص بمكان الأمير أبى يحيى لما تعدد فيه الترشيح وفاوض في شأنه كبير القرابة يومئذ عبد الحق بن عثمان بن الأمير أبى يفرن محمد بن عبد الحق ومن حضره من الوزراء مثل إبراهيم بن عبد الجليل الونكاسي وإبراهيم بن عيسى البرنياني وغيرهما من الخاصة فأشاروا بقتله ونميت عنه كلمات في معنى التربص بالسلطان ودولته وابتغاء العصابة لامره وركب الأمير أبو يحيى إلى القصر ثالث البيعة فأخذ السلطان بيده ودخل معه إلى الحرم لعزائهن عن أخيه السلطان ثم خرج على الخاصة وتخلف عنه السلطان وقد دس إلى عبد الحق بن عثمان أن يتقبض عليه ففعل ثم برز السلطان إليهم وهو موثوق فأمر بالاجهاز عليه ولم يمهله والحق به يومئذ وزيره عيسى بن موسى الفودودى وفشا الخبر بمهلك هؤلاء الرهط فرهب منه القرابة وفر يعيش بن يعقوب أخو السلطان وابنه عثمان المعروف بأمه قضينت ومسعود بن الأمير أبى مالك والعباس بن رحو بن عبد الله بن عبد الحق ولحقوا جميعا بعثمان بن أبي العلاء بمكانه من غمارة وخلا الجو من المرشحين
(٢٣٤)