وانشريس واستقل أولاد عزيز بلمدية ونواحيها ورياستهم ليوسف وعلى ابني حسن ابن يعقوب والكل في طاعة أبى حمو سلطان بنى عبد الواد لما غلبهم على أمرهم وانتزع الرياسة من بنى عبد القوى أمرائهم إلى أن خرج على السلطان أبى حمو ابن عمه يوسف ابن يغمراسن ولحق بأولاد عزيز فبايعوه وداخلوا في كشانة عمر بن عثمان كبير بنى تيغرين وصاحب جبل وانشريس فأجابهم وأصفق معهم سائر الأعشار ويكوشة وبنو يرناتن وزحفوا مع محمد بو يوسف إلى السلطان أبى حمو في عسكره بتهل ففضوه وكان من شأن فتنته معهم ما ذكرناه في أخبار بنى عبد الواد إلى أن هلك السلطان أبو حمو وولى ابنه أبو تاشفين فنهض إليهم في العساكر وكان عمر بن عثمان قد لحقته الغيرة من مخالصة محمد بن يوسف لأولاد عزيز دون قومه فداخل السلطان أبا تاشفين في الانحراف عنه فلما نزل بالجبل ولحق محمد بن يوسف بحصن توكال ليمتنع به نزع عنه عمر ابن عثمان ولحق بأبي تاشفين ودله على مكامن الحصن فدلف إليه أبو تاشفين وأخذ بمخنقه وافترق عن محمد بن يوسف أولياؤه وأشياعه فتقبض عليه وقيد أسيرا إلى السلطان أبى تاشفين فقتل بين يديه قعصا بالرماح سنة تسع عشرة وبعث برأسه إلى تلمسان وصلب شلوه بالحصن الذي امتنع فيه أيام انتزائه ورجع أمر وانشريس إلى عمر بن عثمان هذا وحصلت ولايته لابي تاشفين إلى أن هلك بتلمسان في بعض أيامهم مع بنى مرين أعوام نازلها السلطان أبو الحسن كما ذكرنا في أخبار الحصار ثم لما تغلب بنو مرين على المغرب الأوسط استعمل السلطان أبو الحسن ابنه نصر بن عمر على الجبل وكان خير وال وفاء بالذمة والطاعة وخلوصا في الولاية وصدقا في الانحياش واحسانا للمملكة وتوفيرا للجباية ولما كانت نكبة السلطان أبى الحسن بالقيروان وتطاول الأعياص من زناتة إلى استرجاع ملكهم انتزى بضواحي لمدية من آل عبد القوى عدى بن يوسف بن زيان ابن محمد بن عبد القوى وناغى الخوارج في دعوتهم واشتمل عليه بنو عزيز هؤلاء وبنو يرناتن جيرانهم وزحف إلى جبل وانشريس لينال مع الحشم من يلي أمرهم والمداخلين لعدوهم في قطع دابرهم وكبيرهم يومئذ نصر بن عمر بن عثمان وبايع نصر المسعود بن أبي زيد بن خالد بن محمد بن عبد القوى من أعقابهم ثم خلص إليهم من جملة عدى بن يوسف حذرا على نفسه من أصحابه وقاتلهم عدى وقومه فامتنعوا عليه ودارت بينهم حروب كانت العاقبة فيها والظهور لنصر بن عمر وقومه ثم دخل عدى في جملة السلطان أبى الحسن لما خلص من تونس إلى الجزائر وبقي مسعود بينهم وملكه أبو سعيد بن عبد الرحمن لما ملك تلمسان هو وقومه فلم يزل هنالك إلى أن غلبهم السلطان أبو عنان فسار في جملته بعد أن فر إلى زواوة واستنزله منها ونقله إلى فاس وانقضى
(١٦٠)