الاعراب على الضواحي وانتقض المغرب من سائر أعماله أذنوا لبنى عبد الواد في اللحاق بقطرهم ومكان عملهم فمروا بتونس وأقاموا بها أياما وخلص الملا منهم نجيا في شأن أمرهم ومن يقدمون عليهم فأصفقوا بعد الشورى على عثمان بن عبد الرحمن واجتمعوا إليه لعهدهم يومئذ وقد خرجوا به إلى الصحراء وأجلسوه بباب مصلى العبد من تونس على درقة ثم ازدحموا عليه بحيث توارى شخصه عن الناس يسلمون عليه بالامارة ويعطونه الصفقة إلى الطاعة والبيعة حتى استهلوا جميعا ثم انطلقوا به إلى رحالهم واجتمع مغراوة أيضا إلى أميرهم علي بن راشد بن محمد بن ثابت بن منديل الذي ذكرناه من قبل وتعاهدوا على الصحابة إلى أعمالهم والمهادنة آخر الأيام واستئثار كل بسلطانه وتراث سلفه وارتحلوا على تفيئة ذلك إلى المغرب وشنت البوادي عليهم الغارات في كل وجه فلم يظفروا منهم بقلامة ظفر مثل ونيفن ونونة وأهل جبل بنى ثابت ولما مروا ببجاية وكان بها فل من مغراوة وتوجين نزلوا بها منذ غلبوا على اعمالهم وصاروا في جند السلطان فارتحلوا معهم واعترضهم بجبل الزاب برابرة زواوة فأوقعوا بهم وظهر من نجدتهم وبلائهم في الحروب ما هو معروف لأوليهم ثم لحقوا بشلب فتلقتهم قبائل مغراوة وبايعوا لسلطانهم علي بن راشد فاستوسق ملكه وانصرف بنو عبد الواد والأميران أبو سعيد وأبو ثابت بعد أن أحكموا العقد وأبرموا الوثاق مع علي بن راشد وقومه وكان في طريقهم بالبطحاء أحياء سويد ومن معهم من احلافهم قد نزلوا هناك مع شيخهم وترمار بن عريف منهزمهم من تاسالت أمام جيوش السلطان أبى عنان فأجفلوا من هنالك ونزل بنو عبد الواد مكانهم وكان في جملتهم جماعة من بنى جرار بن يندوكس كبيرهم عمران بن موسى ففر ابن عثمان بن يحيى بن جرار إلى تلمسان فعقد له على حرب أبى سعيد وأصحابه فنزل الجند الذين خرجوا معه إلى السلطان أبى سعيد وانقلب هو إلى تلمسان والقوم في أثره فأدرك بطريقه وقتل ومر السلطان إلى البلد فثارت العامة بعثمان بن جرار فاستأمن لنفسه من السلطان فأمنه ودخل إلى قصر الملك آخر جمادى الأخيرة من سنة تسع وأربعين فاقتعد أريكته وأصدر أوامره واستوزر واستكتب وعقد لأخيه أبى ثابت الزعيم على ما وراء بابه من متون ملكهما وعلى القبيل والحروب واقتصر هو على ألقاب الملك وأسمائه ولزم الدعة وتقبض لأول دخوله على عثمان بن يحيى بن جرار فأودعه المطبق إلى أن مات في رمضان من سنته ويقال قتيلا وكان من أول غزوات السلطان أبى ثابت غزاته إلى كومية وذلك أن كبيرهم إبراهيم بن عبد الملك كان شيخا عليهم منذ حين من الدهر وكان ينتسب في بني عابد وهم قوم عبد المؤمن بن علي من بطون كومية فلما وقع الهرج بتلمسان حسب أنه لا ينجلى
(١١٦)