وغير من رتبه كذلك مثله أو أعدل منه، فإن كان الكل سواء لم يجز أن يخص بعضهم بالقبول دون بعض، ولأن فيه مشقة على الناس لحاجتهم إلى الشهادة في الحقوق في كل وقت من نكاح وطلاق وغصب وقتل وغير ذلك، فإذا لم يقبل إلا قوما دون قوم شق على الناس، ولأن الشاهد إذا علم أنه لا يقبل إلا قول غيره ربما تقاعد عنها حتى يأخذ الرشوة، ولأن فيه إبطال الحقوق، فإن كل من له حق لا يقدر على إقامة البينة به ممن كان مقبول الشهادة راتبا لها دون غيرهم، فإما أن يرتب قوما عرف عدالتهم وسكن إليهم يسمع قولهم ويقبل شهادتهم، فإذا شهد عنده بالحق غيرهم بحث عنهم، فإذا تزكوا حكم بذلك فلا بأس به).
ومن ذلك يعلم أن الشيخ غير مخالف في مفروض المتن، ضرورة أنه لا إشكال في حرمة الترتيب على وجه لا يسمع غيرهم وإن جمع شرائط قبول الشهادة، كما لا إشكال في جواز ترتيب أناس لتحمل الشهادة وإن قبل شهادة غيرهم أيضا، وهو الذي أشار إليه أخيرا، لكن لا يخلو من مرجوحية، لاحتمال التهمة والرشوة وغير ذلك.
ومن هنا قال في كشف اللثام بعد حكاية ما سمعته عنه (والحق أن ما تضمنه هذا الكلام من قهر الناس على أن لا يحملوا الشهادة سوى من عينهم لها أو عدم سماع شهادة غيرهم من العدول مع معرفته باجتماع شرائط القبول وتمكنه من المعرفة فلا شبهة في حرمته، وإنما المكروه أن يرتب قوما لتحمل الشهادة من غير قهر ولا رد لشهادة غيرهم) ومرجعه إلى ما ذكرناه.