والظاهر أن ما ذكره أولا ليس مذهبا له، بل مذهبه الأخير الذي استدل عليه بما عرفت، نعم في كشف اللثام نسبة الخلاف في المقام إلى المبسوط والوسيلة فقدما بينة الداخل لتأيد البينة باليد، ولما سيأتي من أدلة التقديم مع شهادتهما بالسبب بناء على مساواة الاطلاق له أو أولويته منه، وهل يستحلف مع ذلك؟ فعن الشيخ لا، بناء على استعمال بينته، والأقوى نعم، للنص الكاشف أن بينته دفعت بينة المدعي بعد فرض عموم الدليل على حجية الجميع، فيبقى حينئذ استحقاق المدعى عليه اليمين على مقتضى إطلاق دليله.
وإلى الصدوقين والمفيد لحكمهم بترجيح بينة الخارج بعد التساوي عدالة، وزاد المفيد وعددا، لخبر أبي بصير (1) سأل الصادق (عليه السلام) (عن رجل يأتي القوم فيدعي دارا في أيديهم ويقيم الذي في يديه الدار البينة أنه ورثها عن أبيه ولا يدري كيف كان أمرها، فقال:
أكثرهم بينة يستحلف وتدفع إليه، وذكر أن عليا (عليه السلام) أتاه قوم يختصمون في بغلة فقامت البينة لهؤلاء أنهم أنتجوها على مذودهم لم يبيعوا ولم يهبوا وأقام هؤلاء البينة أنهم أنتجوها على مذودهم لم يبيعوا ولم يهبوا، فقضى بها لأكثرهم بينة واستحلفهم، قال: فسألته حينئذ فقلت: أرأيت إن كان الذي ادعى الدار قال: إن أبى هذا الذي هو فيها أخذها بغير ثمن، ولم يقم الذي هو فيها بينة إلا أنه ورثها عن أبيه، قال: إذا كان أمرها هكذا فهي للذي ادعاها وأقام البينة عليها).
قال الصدوق: (لو قال الذي في يده الدار: إنها لي وهي ملكي وأقام على ذلك بينة وأقام المدعي على دعواه بينة كان الحق أن يحكم بها للمدعي، لأن الله تعالى إنما أوجب البينة على المدعي ولم يوجبها على المدعى