أنه لا يخفى عليك ما فيه بعد الإحاطة بما بما ذكرناه - ليس بأولى من القول بترجيح الثاني بقوله (صلى الله عليه وآله) (1): (البينة) إلى آخره الظاهر في انحصار ثبوت المدعى بالبينة، فتوقف الدعوى حينئذ عليها، نحو الدعوى على ميت أو غائب أو نحوهما، بل ينبغي القطع بذلك بناء على أن الجواب بذلك ليس إنكارا، فتكون حينئذ مجرد دعوى لا منكر لها، ومعلوم انحصار ثبوتها حينئذ في البينة.
إلا أن المعروف بل لم أجد خلافا بين من تعرض لهذا الفرع عدم إيقاف الدعوى على البينة، فيقتضي إدراجهم له تحت المنكر، فيتعين عليه اليمين أو ردها، وربما يرشد إلى ذلك قولهم: (يحلف الوارث على نفي العلم بالدعوى على الميت) وليس هو إلا من المنكر أيضا وإن كان جوابه لا أعلم، ومن هنا كان له رد اليمين على المدعي، فيثبت به الحق بلا خلاف ولا إشكال.
وما في الرياض من (أن اكتفاءهم بذلك ثمة إنما هو من حيث عدم كون المنكر طرفا لأصل الدعوى على الغير، بل هو الطرف الآخر لها، وإنما المنكر طرف دعوى أخرى معه، وهي كونه عالما بالمدعى وثبوته على الغير في الدعوى الأولى، فحلفه على نفي العلم حقيقة حلف على نفي ما ادعى عليه على القطع في هذه الدعوى، فظهر أن حلف المنكر على القطع أبدا حتى بالنسبة إلى فعل الغير مطلقا، لأن ما يحلف عليه ليس هو إلا ما ينكره حقا كان أو غيره. وبذلك صرح الفاضل في التحرير - ثم قال -: ويتحصل من هذا أن متعلق الحلف ليس إلا ما تتعلق به الدعوى، وهو المتبادر من النصوص، والحلف على نفي العلم فيما نحن فيه ليس حلفا على ما تعلق به دعوى المدعي، لأن دعواه ثبوت