المعلوم عدم مشروعية هذا المقدار له. فالتحقيق أن الفرق بين الأول والثاني الاقتصار على خصوص الحبس على الأول لما أرسلوه من الرواية بخلاف الثاني، فإنه مبني على حكم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من استعمال مراتبه التي تنتهي إلى الحبس أيضا.
وعلى كل حال فليس للأول إلا المرسل المنجبر بما عرفت، وللثاني إلا باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وللثالث أنه نكول أو أولى منه، ضرورة أنه لو أجاب بجواب صحيح ثم امتنع من اليمين جعل ناكلا، فإذا امتنع عن الجواب واليمين فأولى يكون ناكلا، لأنه نكل عن الجواب واليمين معا، ولأن العناد منه أشد وأظهر، ولأنه لما لم ينكر احتمل الاقرار، فإذا اعتبرت يمين المدعي مع صريح الانكار فمع السكوت أولى.
ومن هنا قال المصنف: (والأخير بناء على عدم القضاء ب) مجرد (النكول) وإلا كان المتجه عدم الاحتياج إلى اليمين.
كل ذلك مضافا إلى ما في الاقتصار على الحبس من الاضرار بالمدعي بالتأخير، وربما أدى إلى ضياع حقه، بل فيه وفي الجبر إضرار بالمدعى عليه بلا دليل، وما مر من الدليل عليهما مندفع بأن الرد على المدعي أردع له عن السكوت وأسهل وأفيد للمدعي وقد يناقش بعدم صدق اسم النكول عليه، إذ يحتمل أنه أدى الحق وليس بمنكر يلزمه اليمين ولا مقر يلزمه الحق، فيسكت عن الانكار لعدم صحته، وعن الاقرار مخافة الالتزام، والفرض عدم شهود عنده ولو لموتهم، ولا يحسن التورية أو لا يعلم شرعيتها، وبأن الحكم بالنكول بمجرده أو بعد رد اليمين مخالف للأصل، فيقتصر فيه على محل اليقين، وليس هو إلا ما انعقد عليه الاجماع من كونه بعد الانكار، وهو مفقود في المقام قطعا، لما عرفت من إطباق المتأخرين كافة على