تكفيل القابض بالمال) أي إلزامه بكفيل بذلك، ولعله للخبرين (1) السابقين، إلا أنك قد عرفت اشتراط عدم الملاءة في الثاني منهما، بل مقتضى الجمع بينه وبين الآخر تنزيل الأول عليه، إلا أنه لم أجد قائلا به نعم في المسالك (وإنما اعتبر المصنف الكفيل لأنه لم يوجب عليه اليمين مع البينة، فجعل الكفيل عوضا عنه، لاحتمال براءة الغائب من الحق على وجه لا تعلمه البينة، ومن أوجب عليه اليمين لم يعتبر الكفيل إلا على تقدير تعذرها، كما لو كان المدعي على الغائب وكيل المستحق، فإنه لا يجوز إحلافه، فيستظهر بالكفيل، ولا شك في أن الكفالة واليمين احتياط واستظهار إلا أن ثبوتها إلى دليل).
قلت: قد عرفت أن دليله عند القائل به التعليل في القوي (2) والخبران (3) المزبوران المعمول بهما، على أن المرسل جميل، وهو من أصحاب الاجماع، وقد أرسل عن جماعة، بل هما يدلان على اعتبار تعدد الكفلاء وإن لم يجد به قائلا، ولعله لظهور إرادة الجنس منه، واعتبار اليمين لا ينافي الاستظهار بذلك، إذا هو على حجته على كل حال.
ومن هنا اعتبره في القواعد مع قوله: (بضم اليمين) وكأنه ظن تمامية الدعوى مع اليمين المقتضية لنفي الاحتمالات، فلا جهة للتكفيل، بخلاف حال عدم اليمين، فإنها لم تتم بعد فيستظهر بالتكفيل، وفيه أن اليمين على القول باعتبارها لا تسقط صحة الدعوى منه بعد ذلك والتكفيل للاستظهار بها بعد النص عليه في الخبرين، كما هو واضح.
ثم على فرض اعتبار اليمين لم يجز للحاكم التسليم قبلها في صورة الوكيل، ضرورة عدم ثبوت الحق بدونها، فمن الغريب صدور ذلك منه.