وأقام كل واحد منهم إلى سارية، ووكل به من يحفظه، ثم استدعى واحدا منهم وسأله فأنكر، فقال (عليه السلام): الله أكبر، فسمعه الباقون، فظنوا أنه قد اعترف، فاستدعى واحدا بعد واحد فاعترفوا بقتله، فقتلهم علي (عليه السلام).
بل منه يستفاد عدم اختصاص التفريق بالشهود، وأن للحاكم التوصل إلى معرفة الحق بما يراه في ذلك الوقت مما لا ينافي الشرع.
نعم يقال: باختصاص جواز التفريق قبل ثبوت العدالة وطلب المدعي الحكم وإلا أشكل الجواز بظهور النصوص في وجوب الحكم حينئذ، ولذا قال في المسالك: (ومحل التفريق قبل الاستزكاء إن احتيج إليه) بل ظاهره حتى مع الريبة، لعدم ثبوت مانعيتها عن الوزن بالميزان الشرعي الموضوع للوزن به بين الناس.
اللهم إلا أن يستفاد من تلك الأدلة عدم الوجوب مع الريبة وإن طلب الخصم حتى ييأس مما يزيلها من نحو ذلك، وحينئذ يحكم معها لاطلاق الأدلة، بل ربما توقف بعضهم من الحكم معها تنزيلا للاطلاق المزبور على غير الفرض، لكنه كما ترى.
ومما ذكرنا يعلم ما في إطلاق المصنف جواز التفريق الذي يمكن تنزيله على إرادة جوازه من حيث كونه كذلك لا مع حصول سبب وجوب الحكم، أو على إرادة جوازه في أصل سماع شهادتهم لأنه أحد الأفراد، وفيه زيادة استظهار، والله العالم.