النصب المقتضي حجية الجميع على جميع الناس، وللسيرة المستمرة في الافتاء والاستفتاء منهم مع تفاوتهم في الفضيلة.
ودعوى الرجحان بظن الأفضل يدفعها - مع إمكان منعها في كثير من الأفراد المنجبر نظر المفضول فيها في زمانه بالموافقة للأفضل في الأزمنة السابقة وبغيرها - أنه لا دليل عقلا ونقلا في وجوب العمل بهذا الرجحان في خصوص المسألة، إذ لعل الرجحان في أصل شرعية الرجوع إلى المفضول وإن كان الظن في خصوص المسألة بفتوى الفاضل أقوى نحو شهادة العدلين.
ومع فرض عدم المانع عقلا فاطلاق أدلة النصب بحاله، ونفوذ حكمه في خصوص الواقعة يستلزم حجية ظنه في كليها، وأنه من الحق والقسط والعدل وما أنزل الله، فيجوز الرجوع إليه تقليدا أيضا، والنصوص (1) السابقة إنما هي في المتنازعين في حق وقد حكما في أمرهما رجلين دفعة فحكم كل واحد منهما لكل واحد منهما، ولا وجه للتخيير هنا، كما في أصل المرافعة والتقليد، ضرورة تحقق فصل الدعوى بقول أحدهما، لاتفاق النصوص (2) على ذلك، وأنه لا يبطل حكم كل منهما بحكم الآخر، فليس حينئذ إلا الترجيح للحكم في كلي الواقعة بالمرجحات التي ذكرها الإمام (عليه السلام) وقال: إنه مع فرض فقدها أجمع يقف حتى يلقى الإمام، وهذا غير أصل التخيير في الترافع والتقليد المستفاد من إطلاق أدلة النصب المعتضد بالعمل في جميع الأعصار والأمصار.
بل لعل أصل تأهل المفضول وكونه منصوبا يجري على قبضه وولايته مجرى قبض الأفضل من القطعيات التي لا ينبغي الوسوسة فيها، خصوصا بعد ملاحظة نصوص (3) النصب الظاهرة في نصب الجميع الموصوفين