أقول: ظني أن المنازعين في المقام غفلوا عن حقيقة الحال، وتحقيق المقال: أنه لم يثبت في الشريعة أن كل ما يتصرف فيه مسلم ويدعي ملكيته فيحكم له به، بل لا بد فيه من احتمال كون يده عليه بأحد الوجوه الموجبة للملكية شرعا، فلو لم يحتمله عقلا أو شرعا أو عادة لا يحكم له بذلك أصلا.
ألا ترى أنه لو كانت هناك جبال فيها وحوش وكان يتصيد فيها أحد من مدة طويلة، لا تسمع دعواه - لو منع غيره من الاصطياد - مدعيا أن هذه الجبال مع ما فيها من الوحوش ملكي أتصيد فيها من القديم.
ولو كان بحر لأشخاص فيه سفن يترددون فيه ويغوصون، لا يسمع ادعاؤهم الملكية.
لعدم ثبوت اعتبار مثل ذلك اليد، وعدم احتمال تحقق التصرف المملك - أي الموجب للملكية شرعا - فيهما.
وعلى هذا، فنقول: إنه ما ثبت إيجابه للتملك في الأرضين ونحوها هو إحياء ببناء أو غرس أو زرع أو حفر أو نحو ذلك، ولا تحتمل هذه الوجوه في رؤوس الجبال من حيث هي.
نعم، يمكن تصرف مسلم في موضع منها ببناء أو غرس شجر أو حفر، وهو غير ما نحن فيه.
فالوجوه الثابت إيجابها للتملك شرعا مما لا يمكن تحققها في الجبال ورؤوسها من حيث هي، فدعوى أحد: أن هذه الجبال برؤوسها ملك لي ويدي عليها لأني أنقل حجارها وأحصد نباتها ونحو ذلك، مما لا يسمع، إذ لا يمكن تحقق الأسباب الموجبة للتملك فيها.
نعم، يمكن ذلك في بعض أجزائها، وهو غير تملك رؤوس الجبال