البراءة (1) - لمجرد اقتطاع متعلقه عن مدخوله، والمبدأية والمنشأية والتبعيض وأشباه ذلك يستفاد من الخارج.
ومما يشهد لعدم تعلق هذه الكلمة باليقين: أن مادة اليقين تتعدى ب (الباء) لا ب (من)، فيقال: أيقن به، واستيقن به، ومتيقن به، بل سنخ هذا التركيب يتعدى ب (من) دائما فيقال على سلامة من دينه، على بصيرة من أمره، وفي ريب مما أنزلناه، مع أن البصيرة تتعدى ب (الباء) والريب يتعدى ب (في)، والسلامة وإن كانت تتعدى ب (من) لكنه بالإضافة إلى ما يسلم منه من الآفات والعيوب ونحوها، لا بالإضافة إلى الموصوف بالسلامة، والدين ما يوصف بأنه سالم لا بالسلامة منه فيظهر أن كلمة (من) ليست واسطة في تعدي اليقين والبصيرة والريب والسلامة بمدخول، بل متعلقة بالاستقرار على اليقين البصيرة والسلامة ونحوها، فيراد: كون الشخص على اليقين من حيث الوضوء، وعلى السلامة من حيث الدين وهكذا.
وعليه فاليقين بحسب فرض الكلام، لم يتعلق بشئ حتى يتخصص به، وإن كان في الواقع متعلقا به، كما هو كذلك في جميع الصفات الإضافية فإنها تعلقية.
ويمكن أن يقال - بناء - على تعلق (من وضوئه) باليقين: - أن تغيير الأسلوب فيه، وفي أمثاله - حيث أن بعضها يتعدى ب (الباء) وبعضها ب (في) وبعضها بغيرهما - لأجل أن لحاظ المبدأية والمنشأية في المدخول يوجب تمحض اليقين، وعدم تعلقه بشئ يخصصه، فان تعلق الشئ بمبدئه غير تعلق الفعل بمفعوله، فلعل إعمال هذه النكتة لتجريد اليقين عن الخصوصية ليترتب عليه الكلية.
بل يمكن أن يقال بمبدئية الوضوء - فيما نحن فيه - لليقين حقيقة لا تنزيلا، لان الأمور الخارجية القائمة - بغير المتيقن - لا يقين بها الا بأسباب مؤدية إليه، من