وتقريبها: أن الآيات المقتضية للرجوع إلى أهل الذكر (1) أو التحذر بالانذار (2) والروايات المقتضية لتقليد من كان من الفقهاء... الخ. والرجوع إلى رواة الأحاديث (3) والاعتماد على كل مسن في حبهم (4) وغير ذلك وان كانت ظاهرة بل صريحة في أن المسؤول عنه والمنذر والفقيه والمرجع حي، إلا ان دعوى الاطلاق غير متوقفة على تجريد تلك الموضوعات عن الحياة، بل المدعى انها لا ظهور لها في توقف وجوب القبول - بعد الجواب، ووجوب التحذر بعد الانذار، ووجوب التقليد بعد الاخذ من الفقيه ووجوب الاعتماد بعد اظهار الرأي - على حياة المجيب والمنذر مثلا حال القبول والعمل، فبعدم تقيدها بذلك يستكشف اطلاقها لصورتي الحياة والموت حال العمل. هذه غاية التقريب.
ويمكن أن يقال إن ظاهر قول القائل: " اعمل على رأي فلان والتزم به " من دون تقييد وعناية هو العمل على طبق الرأي حال العمل، والا لكان عملا بغير الرأي، نعم يقبل التقييد بان يقول اعمل على طبق الرأي السابق.
وعليه فنقول إن كانت الأدلة المزبورة مسوقة لحجية الرواية فالاطلاقات على حالها غير منافية لما ادعينا - من الظهور - لأن الحكاية لا زوال لها، فالحكم بعد ما صار محكيا ومخبرا به فهو على حاله إلى الأبد، فهو محكي عنه، مات الحاكي أم لا.
وان كانت مسوقة لحجية الرأي - فحيث أن الرأي يتطرق إليه الزوال - فمقتضى ظهورها في تعلق العمل بالرأي من غير تقييد لزوم بقاء الرأي حال تعلق العمل به، فان كان باقيا - وجدانا أو برهانا - فهو والا فلا بد من استصحاب بقائه.
ومنه تبين أن الاطلاقات لا تغني عن الاستصحاب.