وأما بالنسبة إلى العامي فالحامل له على تقليد الحي بالخصوص، هو الحامل له على أصل التقليد، وهو: عدم اليقين بابراء الذمة إلا بالتقليد الحي، كما لا يقين له به إلا بالتقليد في قبال غيره.
ولا فرق في هذه المرحلة بين كون الميت أفضل من الحي وعدمه - بتوهم ان فتوى الأفضل أقرب إلى الواقع من فتوى غيره، ولا يعقل التفاوت في الأقربية بين الموت والحياة.
ويندفع بان وجه حكم العقل هنا ليس أقربية فتوى الأفضل، كما أنه في الحي بالإضافة إلى الميت ليس القرب إلى الواقع مناطا وملاكا في نظر العقل أصلا، بل وجه حكم العقل واقتصاره على الحي، وعلى الأفضل كون تقليد الحي بالنسبة إلى الميت مقطوعا به من حيث كونه مبرء للذمة، وكون تقليد الأفضل بالإضافة إلى غيره كذلك، ولو لدعوى الاجماع في المقامين.
ونتيجة الامرين عدم اليقين بالبراءة إلا بتقليد الحي الأفضل من غيره، لا اليقين ببراءة الذمة بتقليد الحي في نفسه وببراءة الذمة بتقليد الأفضل في نفسه ليلزم التخيير، أو لأجل الأقربية ليتعين تقليد الأفضل وإن كان ميتا، إذ لا يعقل اليقين ببراءة الذمة مهملا ولا يقين بها مطلقا، فلا موجب للتخيير وليست الأقربية ملاكا فلا موجب للتعيين فافهم جيدا.
نعم بناء على ما سلكناه أخيرا في تقريب حكم العقل بتعين الأعلم يلزم القول بتعين الأعلم وان كان ميتا، وبالتخيير بين الحي والميت مع عدم التفاضل، إذ بناء على هذا الوجه لا تعين للحياة أصلا.
فإما أن نقول باشتراط الحياة فلا يتعين الأعلم إن كان ميتا وإما أن لا نقول باشتراطها فلا يتعين الحي إن لم يكن هناك اعلم، بل يتخير بين الحي والميت، فالتفصيل بين ما إذا كان الميت أفضل فيتعين الميت والا فيتعين الحي بلا وجه.