الترجيحات المذكورة في المقبولة مناسبة للفتوى دون القضاء.
مع أن التحري في مستند الحاكم غير معهود في باب القضاء، فلا مجال لكل ذلك إلا بحمل المقبولة على فصل النزاع بفتوائين متعارضين، لا بحكمين متنافيين.
وبعبارة أخرى نفس الفتوى فاصلة للنزاع، لا إنشاء الحكم مستندا إلى فتواه المستندة إلى الخبر.
وبه تندفع الاشكالات المتوهمة من المقبولة المنافية لما تقرر في باب القضاء.
ففيه أن الحكم في لسان الشرع كذلك، إلا أنه في خصوص المقبولة ليس كذلك كما في قوله عليه السلام (ما يحكم له فإنما يأخذه سحتا وإن كان حقه ثابتا) (1) إلى غير ذلك من الشواهد.
واما حمل مورد المقبولة على الفتوى تفصيا من الاشكالات فمدفوع بأن التفصي لا ينحصر في ذلك بل حملها على فصل الخصومة بنقل الخبر الفاصل أيضا دافع للاشكالات، فيخرج مورد المقبولة عن القضاء والفتوى معا.
بل قد مر أن المتعارف في الصدر الأول هو القضاء والافتاء بنقل الرواية، والأمر بالترجيحات بملاحظة الرواية، لا بملاحظة الفتوى، ولا القضاء.
ولا ينافيه الترجيح بالأفقهية بتوهم مساسها باعمال الرأي والنظر لا بنقل الخبر، وذلك لأن الروايات حيث أنها منقولة بالمعنى غالبا فللأفقهية دخل في مطابقة النقل لما اراده الإمام عليه السلام.
وبما ذكرنا ظهر وجه آخر للجواب عن الملازمة المدعاة في التقريب المتقدم.
هذا كله مضافا إلى أن ملاحظة المرجحات في مرحلة الفتوى الصادرة في مقام فصل الخصومة للنكتة المتقدمة لا يقتضي اعتبارها في الفتوى بما هي.
فتدبر.
ومنه تعرف أن عبارة الكتاب قابلة لنفي الملازمة بين الحكم والفتوى كما في