أما الملازمة بين الحكم والفتوى باعتبار الأفضلية في كل منهما - كما ادعاها جماعة، بل ادعى الاجماع على التلازم بين الرجوع إلى الأفضل والترافع عنده - فمدفوعة بأنه لا دلالة للمقبولة على لزوم الترافع عند الأفضل حتى يجب اخذ الفتوى منه بالملازمة لان غاية دلالتها عدم نفوذ الحكم مع حكم الأفضل بالخلاف، لا أن وجود الأفضل ومخالفته في الفتوى يمنع عن الترافع عند غيره، حتى يمنع عن الرجوع إلى المفضول في مرحلة الاستفتاء بالملازمة.
مع أن الاجماع على التلازم غير ثابت، ونقله غير مجد، خصوصا بعد احتمال استفادة لزوم الترافع عند الأفضل من المقبولة.
مع أن اعتبار الأفضلية في مقام الحكومة لا يوجب اعتبارها في مرحلة الفتوى مع أن اعتبارها في مقام الحكم على الخلاف غير اعتبارها بمجرد الاختلاف.
فكما أن الترجيح بموافقة الكتاب ومخالفة العامة انما هو بعد الحكم على الخلاف لا بمجرد الاختلاف، كذلك الترجيح بالأفقهية والأعدلية، فالكل ليس من المرجحات الابتدائية حتى يجدي فيما نحن فيه.
والحاصل انه لا موجب للتلازم بين الحكم والفتوى في نفسه، ولذا يجوز ترافع المجتهدين إلى ثالث، ولا يجوز تقليد المجتهد لمجتهد آخر، ويجوز الافتاء بالخلاف على ما أفتى به الآخر، ولا يجوز الحكم بخلاف ما حكم به الاخر، وتوضيح هذا الاجمال أن الملازمة المدعاة هنا إن كانت بين عدم جواز الترافع إلى المفضول مع وجود الأفضل وعدم جواز الاستفتاء من المفضول مع وجود الأفضل.
ففيه أن عدم جواز الترافع غير ثابت بالمقبولة كما مر، ولا يغيرها، بل ظاهر الاخبار والآثار على خلافه، فلا موقع للملازمة.
مع لزوم تخصيصها بالشبهة الحكمية، وكون الحكم أو الفتوى من الأفضل مخالفا لما يصدر من المفضول، إذ لا ينبغي الريب في عدم لزوم الاستفتاء من الأفضل مع عدم مخالفة فتواه لفتوى المفضول، مع أن من يقول بتعين الأفضل