استفادته على الاجتهاد - المفروض عدم القوة عليه - أو على التقليد - المفروض وقوع البحث عنه بحيث يكون حاملا للعامي -.
اما المقام الأول فصريح شيخنا قدس سره هنا أنه بديهي جبلي فطري وكفى به حاملا للعامي ان صح الامر.
والتحقيق: أن الفطري المصطلح عليه في فنه هي القضية التي كان قياسها معها، مثل كون الأربعة زوجا لانقسامها بمتساويين، وما هو فطري بهذا المعنى هو كون العلم نورا وكمالا للعاقلة في قبال الجهل، لا لزوم التقليد عند الشارع، أو عند العقلاء ولا نفس رفع الجهل، بعلم العالم. والفطري - بمعنى الجبلة والطبع - شوق النفس إلى كمال ذاتها أو كمال قواها، لا لزوم التقليد شرعا أو عند العقلاء.
نعم ثبوت الشوق إلى رفع الجهل وجداني - لا جبلي ولا فطري - ورفع الجهل بعلم العالم جبلي. فيصح أن يقال: إن التقليد الموجب لارتفاع الجهل جبلي، لا لزومه تعبدا من الشارع أو من العقلاء.
ومجرد دعوة الجبلة والطبع إلى رفع الجهل لا يجدي لكون التقليد - بمعنى الانقياد للعالم ولو من دون حصول العلم الذي هو كمال العاقلة - جبليا طبعيا.
والكلام فيه دون غيره، فلا لزوم التقليد بهذا المعنى فطري بأحد المعنيين، ولا نفس التقليد المزبور فطري بوجه أصلا.
مضافا إلى ما في الجمع بين البداهة والجبلة والفطرة، فان ما هو فطري اصطلاحي يناسب البداهة ولا يناسب الجبلة، وما هو فطري عرفي يناسب الجبلة ولا يناسب البداهة. ولقد خرجنا بذلك عن مرحلة الأدب. والله تعالى مقيل العثرات.
والذي يمكن أن يقال مع قطع النظر عن الأدلة الشرعية: هو أن العقل - بعد ثبوت المبدأ وارسال الرسل، وتشريع الشريعة، وعدم كون العبد مهملا - يذعن بان عدم التعرض لامتثال أوامره ونواهيه خروج عن زي الرقية ورسم العبودية، وهو ظلم فيستحق به الذم والعقاب من قبل المولى.