قوله: للقطع بحجيته والشك في حجية غيره... الخ.
الكلام في الأصل تارة فيما يسع أن يكون مستندا للعامي بحسب ما يستقل به عقله، وأخرى فيما يقتضيه القاعدة بعد النظر في أدلة وجوب التقليد شرعا، وهذا هو الذي بلحاظه للمفتي أن يفتي بالرجوع إلى غير الأعلم، ففائدة الأول ترجع إلى العامي، وفائدة الثاني ترجع إلى المفتي.
أما الكلام في الأول: فقد استوفيناه في مبحث التعادل والترجيح (1) وقد ذكرنا ان المعذرية الواقعية - كالمنجزية - غير مجدية في دفع عقاب الواقع وفي ترتبه، بل الواصلة منهما ومعذرية العمل على طبق فتوى الأفضل واصلة، دون فتوى المفضول. فراجع.
واما الكلام في الثاني: فبيانه أن الفتوى ان كانت في نظر المجتهد حجة من باب الطريقية المحضة - ولو بجعل الحكم المماثل على طبقه بعنوان ايصال الواقع - فالامر فيه كما مر في الأول. ولعله إليه ينظر قدس سره حيث ساوى بين المقامين.
وان كانت حجة من باب الموضوعية والسببية واشتمال كل منهما على مصلحة المقتضية لجعل الحكم على طبقه، فالمسألة وان كانت ذات وجوه بل أقوال: من رجوعها إلى الشك في التعيين والتخيير وفيه قول بالاشتغال وقول بالبراءة، ومن رجوعها إلى المتزاحمين، ومن رجوعها إلى الدوران بين المحذورين أحيانا.
الا أن الصحيح هو الثاني، فان مورد الأول ما إذ علم بالملاك في المعين واحتمل وجوده في الآخر، والمفروض بناء على الموضوعية وجوده فيهما معا، وانما الشك في أقوائيته في أحدهما من الآخر، فالحكم في كل منهما تعييني في حد ذاته - شرعا - والتخييرية لتمانعهما عقلا في الفعلية.