كالموافقة للكتاب، والمخالفة للعامة، والمطابقة للشهرة الفتوائية، فإنه إذا لوحظ فناء الدال على مدلوله، كان الخبر موصوفا بالأقربية إلى الواقع، لكون مضمونه أقرب إلى الواقع.
بل يمكن أن يقال: إن الشهرة الفتوائية إذا كانت مستندة إلى أحد الخبرين - مع ظفر المشهور بمعارضه - من دون وجه للجمع الدلالي، تكون كاشفة عن وجود أحد المرجحات المنصوصة فيه، إذا كان بناؤهم على عدم التعدي، أو عن أقربية مضمونه - عندهم - إلى الواقع، إذا كان بناؤهم على التعدي.
الا أنه، إنما يجدي إذا كان كاشفا قطعيا عن ذلك، والا فمجرد الظن بالمرجح - بالمعنى الأخص أو الأعم - يحتاج إلى دليل على لزوم اتباعه في المرجحية.
قوله: والصدق واقعا لا يكاد يعتبر... الخ.
حتى يكون لازم الظن - بصدق الموافق، والظن بكذب المخالف - الظن بحجية الأول، والظن بعدم حجية الآخر، الا أنه تقدم منه (رحمه الله) في ذيل الأخبار العلاجية ما ينافي هذا الكلام (1)، وإن كان الحق ما أفاده - قدس سره - هنا، كما نبهنا عليه هناك.
قوله: ضرورة أن استعماله في ترجيح... الخ.
يمكن أن يقال: أن معنى (إن دين الله لا يصاب بالعقول) (2) هو أن مثل القياس لا يكون طريقا شرعا، وواسطة في إثبات حكم من الأحكام - فرعيا كان أو أصوليا - ومقتضاه أن الظن القياسي لا يثبت به شرعا وجوب، ولا حرمة، ولا حجية، ولا مرجحية، وهنا كذلك، إذ الحكم الفرعي من الوجوب والحرمة يثبت بالخبر الموافق ومرجحية الظن القياسي يثبت بأدلة الترجيح المتكفلة أمر حجية كل ما يوجب الأقربية إلى الواقع، فليس القياس واسطة في اثبات حكم ديني - فرعي أو أصولي - حتى يقال: إن دين الله لا يصاب العقول.