المدلولين بنفسهما متنافيان وإنما يتلائمان بعد فرض التعبد بصدورهما - الصارف لظهورهما - فما لم يكونا متلائمين لا تعبد بصدورهما، وما لم يتعبد بصدورهما لا يكون متلائمين.
ولا مجال لقياس التعبد بصدورهما بالقطع بصدورهما - في كونه قرينة صارفة عن ظهورهما - وذلك لان القطع بصدور كلامين ظاهرين فيما يتنافيان معقول، فيكون قرينة على عدم إرادة ما يكون الكلام ظاهرا فيه، بخلاف التعبد بكلامين متنافيين ظاهرا فان التعبد ليس إلا بجعل الحكم المماثل، وجعل حكمين متنافيين - على طبق الظاهرين المتنافيين - غير معقول، فلا يعقل التعبد الا بالمعنيين المجازيين المتلائمين، مع أنه لولا القرينة الصارفة - المنحصرة في التعبد بالصدور - لا يعقل التعبد بهما، كما لا يخفى.
ومنها: ما إذا لم يكن لكل من الدليلين إلا محذور بعيد أو مجازات متساوية النسبة إلى المعنى الحقيقي. فربما يتوهم أيضا: أن مقتضى القطع بالصدور أو التعبد به - بضميمة صون الكلام عن اللغوية - حملهما على المجاز البعيد أو على أحد المجازات.
وفيه: أنه في فرض القطع بالصدور كذلك إلا أنه لا دخل له بالجمع العرفي المستند إلى اقتضاء المداليل الكلامية، بل ذلك لاقتضاء القرينة القرينة العقلية، كما ربما يتفق في دليل واحد يتكفل ما هو خلاف البرهان، وأما في فرض التعبد بالصدور، فقد مر الاشكال فيه.
مضافا إلى أن التعبد بأحد المجازات تعبد بالمجمل، وهو غير معقول، وإن كان القطع بإرادة المجمل، معقولا كما هو واضح.
ومن جميع ما ذكرنا تبين: أن في موارد الجمع العرفي - المبني على صلاحية كل من الدليلين للقرينية على الاخر - لا مانع من شمول دليل التعبد بصدورهما، لأنه تعبد بمعنيين متلائمين، وفي غيره لا يعقل الشمول، لأنه عبد بالمتنافيين، ودليل التعبد بالصدور، ودليل التعبد بالظهور على السوية - في لزوم مراعاتهما -