فلا محالة تقع المزاحمة بين التعبد بصدور كل منهما مع التعبد بظهور الاخر، ولا معين لاحد الامرين، فيتساقطان - بناء على القاعدة الأولية - ويتعين الراجح أو يتخير بينهما إن لم يكن مرجح - بناء على القاعدة الثانوية - كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ولا ينبغي توهم عدم الزاحمة بين دليل التعبد بالصدور، ودليل التعبد بالظهور، لتأخر رتبة التعبد بالظهور عن التعبد بالصدور، فان التقدم والتأخر الطبعيين، أنما يكونان بين التعبد بصدور شئ وظهور نفسه، لابين التعبد بصدور أحد الدليلين، وظهور الاخر والزاحمة في الثاني، فما كان بينهما التنافي لا تقدم ولا تأخر بينهما، وما يكون بينهما التقدم والتأخر لا تنافي بينهما.
كما لا ينبغي توهم السببية والمسببية بين الشك في صدور أحدهما، وإرادة ظهور الاخر، إذ ليس من آثار صدور أحدهما عدم إرادة ما يكون الاخر ظاهرا فيه، ولا إرادة ما يكون الاخر ظاهرا فيه من آثار عدم صدور الأول، بل هما متنافيان في الوقوع، ووقوع أحد المتنافيين، يلازم عدم وقوع الاخر، إذ المفروض عدم صلاحية كل منهما للتصرف في الاخر بنفسه، حتى يكون التعبد به تعبدا بالقرينة، وليس مجرد التعبد بالصدور قرينة، بل مناف للتعبد ظهور الاخر.
قوله: مع أن في الجميع كذلك أيضا طرحا للامارة أو الامارتين....
الخ.
اي في الجمع، من دون أن يكون لأحدهما أو لكليهما صلاحية التصرف في أحدهما، أو في كليهما. ومحذور مثل هذا الجمع طرح أصالة الظهور في أحدهما، أو في كليهما، خلافا للشيخ المحقق الأنصاري - قدس سره - (1) في الثاني، نظرا إلى أن المتيقن من السندين أحدهما معينا أو مخيرا، سواء قلنا بالجمع أو بعدمه، فترك التعبد بظاهر ما لم يحرز التعبد به - وهو ما عدا المتيقن - ليس مخالفا لأصالة الظهور فلا يلزم إلا طرح أصالة الظهور في ذلك المتيقن،