مع أن الملكية مطلقا - حتى الشرعية - قائمة بذات المالك والمملوك والإحاطة التنزيلية قائمة - خارجا - بالمتعاقدين لا بالمالكية، وليس العقد أيضا منشأ انتزاع الملكية، لما قدمنا من البرهان، بداهة أن المبدأ لو كان قائما به بقيام انتزاعي، لصح حمل عنوانه المأخوذ منه على العقد، وعدم صحته واضح، مع أن نسبة العقد إلى الملكية نسبة السبب إلى مسببه، كما هو المشهور، والسبب مباين وجودا للمسبب والمنشأ للانتزاع وجوده، بالفعل، وجوده للامر الانتزاعي بالقوة، كما قدمنا تفصيله، فكيف يعقل أن يكون العقد منشأ لانتزاع امر مقولي؟
وليس العقد - أيضا - مصححا لانتزاع الملكية واقعا، وسببا لوجودها بوجود منشأها الواقعي لان البراهين الدالة على عدم كون الملكية مقولة واقعية - ولو انتزاعه - تدل على عدم حدوث مقولة واقعية بالعقد وشبهة من الأسباب الجعلية، بل الواقعيات تحدث بأسباب طبيعية واقعية.
ومنه تعرف حال غير الحكم والعقد، مما يعد منشأ أو سببا وسيأتي إن شاء الله تعالى بعض الكلام - أيضا - في خصوص انتزاع الوضع من التكليف - في ذيل كلامه الشريف - قدس سره - اللطيف).
فالتحقيق في سنخ حقيقة الملكية الشرعية والعرفية أنها اعتبارات شرعية أو عرفية لا أنها أمور انتزاعية ولا أمور اعتبارية أعني المصطلح عليها في علم الميزان بيانه: أن الملكية الحقيقية الواقعية - مع قطع النظر عن الشارع والعرف - وان كانت كما سيجئ إن شاء الله تعالى من مقولة الجدة، أو مقولة الإضافة أو مقولة أخرى. لكن الموجود - في مواردها شرعا وعرفا - ليست الملكية بوجودها الحقيقي، كي ينافي البراهين القاطعة، بل الشارع أو العرف يعتبرون هذه الحقيقة لمن دعت المصلحة إلى اعتبارها كالمتعاقدين، أو الوارث، أو الفقير، أو السيد، أو من حاز شيئا.
فمفهوم الملكية له نحوان من الوجود الحقيقي المقولي، والاعتباري التنزيلي.