أحدهما - ما أشرنا إليه من باب البراءة (1)، وهو أن الجزئية الانتزاعية ليست في لوازم المجعول التشريعي - بما هو مجعول تشريعي - بل من لوازمه - بما هو مجعول تكويني - لما عرفت من أن كل مجعول تشريعي مجعول تكويني، فله حيثيتان حيثيته التكوينية وحيثيته التشريعية.
فكما أن تعلق الطلب بفعل يصحح انتزاع الطالبية من المولى، والمطلوب منه في المكلف، والمطلوب من الفعل، والموضوعية من الفعل، والمحمولية من الحكم إلى غير ذلك من العناوين الانتزاعية، وليس شئ منها من لوازم المجعول التشريعي بما هو تشريعي كذلك الجزئية والشرطية.
والوجه في ذلك أن الامر بالمجموع وبالخاص، وان كان منبعثا عن غرض قائم بالمجموع - اقتضاء - وبالخاص - فعلا - وكان لذوات الاجزاء دخل في الأول، وللقيد دخل في الثاني.
إلا أن الجزئية الانتزاعية، والشرطية الانتزاعية، غير منبعثتين عن غرض تشريعي ولا لهذين العنوانين دخل في الغرض - لا اقتضاء ولا فعلا - بل يستحيل دخلهما فيما هو الباعث على البعث المصحح، لانتزاعهما من الجزء والشرط، فلا يقاس بالوجوب المعمولي المقدمي المنبعث عن غرض مقدمي.
ثانيهما - أن المجعول الانتزاعي لو كان مجعولا تبعيا - بحيث كان بينه وبين منشئه المجعول تشريعا اثنينية في الجعل نظرا إلى السببية والمسببية بينهما - لكان مجديا في ترتب الآثار المرغوبة من الالتزام بجعله فيصح رفعه، ولو لم يكن رفع المنشأ - كما في الأقل والأكثر الارتباطيين بناء على الانحلال عقلا كما تقدم دعواه من شيخنا العلامة رفع الله مقامه (2) وصرح بهذا المبنى في تعليقته الأنيقة (3).