الذهني، لا دخل له بالجعل التشريعي.
ثالثتها - كون الشئ بعض المطلوب بما هو مطلوب، وهو فيما إذا تعلق طلب واحد بمجموع أمور فان كل واحد من تلك الأمور بعض ما تعلق به الطلب وتمامها كل ما تعلق به الطلب، وما لوحظ المجموع مقترنا قيد المطلوب بما هو مطلوب.
وهذه الجزئية والشرطية هي المجعولة انتزاعا بجعل الطلب، ولا موقع لها بين الصفتين إلا مرحلة تعلق الطلب، لان الجزئية - في مقام الوفاء بالغرض في حد ذاته - ما هوية لا جعلية، والجزئية - في مقام اللحاظ - تكوينية بالتكوين الذهني لا تشريعية، وما هو تشريعي - بتشريعية البعث والايجاب - هي الجزئية للواجب بما هو واجب.
ولكن لا يخفى عليك أن الايجاب ليس منشأ انتزاع الجزئية والشرطية لما سيأتي إن شاء الله تعالى: إن منشأ الانتزاع - باعتبار قيام حيثية القبول به بقيام انتزاعي - يصح حمل العنوان المأخوذ منه على المنشأ، مع أن الجزء والشرط لا يحمل الا على ذات الجزء والشرط، لا على الطلب المتعلق بمجموع الأمور.
فالطلب والايجاب مصحح انتزاع الجزئية من الجزء لا منشأ انتزاعها بمعنى أن الفاتحة - مثلا - ليست في حد ذاتها بحيث يصح ان ينتزع منها البعضية للمطلوب، وانما اكتسبت هذه الحيثية بتعلق الامر بمجموع أمور منها الفاتحة، فهي في هذه الحالة قابلة لانتزاع البعضية.
فمعنى جعلها بجعل الامر بهذا الوجه لا بجعل منشأ انتزاعها، بل بجعل مصحح انتزاعها الا بالواسطة بتقريب ان جعل الموضوع تشريعا بجعل حكمه، وجعل الامر الانتزاعي من الموضوع التشريعي، بجعل الموضوع، فجعل الحكم جعل للامر الانتزاعي بالواسطة.
هذا ما لزم بيانه في توضيح كلامه، وتنقيح مرامه - زيد في علو مقامه - الا أن هذا الجعل الانتزاعي ليس من الجعل التشريعي المفيد لوجهين: