لكن هذا الاحتمال مخالف لظواهر أدلة النجاسات فان ظاهرها ترتب حقيقة النجاسة - الظاهرة في فعليتها، لا في اقتضائها - على الموضوعات بذواتها لا بما هي معلومة.
بل نفس هذه الرواية - أيضا - ظاهرة في ذلك لمقابلة القذر مع الطاهر فيها فكما أن الطاهر يراد منه الفعلي، فكذلك فلا بد من التصرف في قوله عليه السلام (فإذا علمت فقد قذر) بإرادة القذارة المؤثرة بالفعل، فكأن القذر الواقعي - الذي لا أثر له - ليس بقذر، ويؤيده قوله عليه السلام (وما لم تعلم فليس عليك) فإنه بلحاظ الأثر.
وفي قبال هذا التقريب تقريب اخر ذكرناه في الفقه تصحيحا لما افاده المحقق الخوانساري - قده - (1) من أن رواية (الماء كله طاهر) لبيان طهارة الماء واقعا فقط، وملخصه: أن العلم اخذ طريقيا محضا - كما اخذ في تقريب كلام صاحب الحدائق موضوعيا محضا - للحكم بالنجاسة، والمراد من الطريقية المحضة: أن قوله عليه السلام (حتى تعلم أنه قذر) بمنزلة قوله (حتى يتقذر) بعروض نجاسة، نظير قوله تعالى (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض...) الخ (2) فإنه بمنزلة، ما إذا قيل حتى يطلع الفجر، هذا. وهو أيضا خلاف الظاهر، خصوصا بملاحظة نظائره كقوله عليه السلام (كل شئ لك حلال حتى تعرف أنه حرام) (3) فإنه لا يعقل جريان هذا التقريب فيه.
فتدبر.
قوله: لظهوره في أنه متفرع على الغاية وحدها... الخ.
لا منشأ لهذا الظهور الا لزوم كون قوله عليه السلام (وما لم تعلم فليس عليك)