مع عدم العلم. ومنه ما لو دخل الدار وهو لا يعرف أنها الدار التي حلف على عدم دخولها لقوله صلى الله عليه وآله في المستفيضة النبوية (1) وغيرها (وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه " ولأن البعث والزجر المقصودين من اليمين إنما يكونان مع اختيار الفعل ذاكرا لليمين ضرورة أن كل حالف إنما قصد بعث نفسه أو زجرها باليمين، وهذا غير متصور إلا مع القصد إليها ومعرفته بها، فإذا جهل اليمين في صورة النسيان أو المحلوف عليه في صورة الجهل لم يوجد المقصود من اليمين لأجلها، إذ لا يتصور قصد البعث أو الامتناع حالتي الجهل والنسيان.
وكذا حالة الاكراه، بل هنا أولى لأن الداعي حالة الاكراه ليس للفاعل بل من غيره، فلم تدخل هذه الحالة في اليمين، والبعث على الاقدام والمنع منه إنما يتعلق بالأفعال الاختيارية لامتناع بعث المرء نفسه على ما يعجز عنه كالصعود إلى السماء.
وأيضا لو حلف مكرها لم تنعقد يمينه، فكذا المعنى المتعلق به الحنث إذا وجد على وجه الاكراه يجب أن يلغو أنه أحد سببي وجوب الكفارة، ولا فرق على الاكراه بين أن يفعل الحالف المحلوف على تركه بنفسه بأن يحمله عليه التهديد والتخويف. وبغيره بأن يحمل إلى الدار التي حلف لا يدخلها مكرها.
وخالف بعض العامة في ذلك فحكموا بالحنث في جميع الفروع مستندا في ذلك إلى وجود صورة المحلوف عليه، والكفارة لا تسقط بالأعذار عندهم لأنه قد يجب أن يحنث نفسه، ومع ذلك تلزمه الكفارة كما لو كان حلفه على أن لا يفعل الواجب أو يفعل المحرم، فإن اليمين عندهم تنعقد على جميع ذلك وإن وجب الحنث. كما أنه لو حلف على ترك المندوب انعقدت واستحب الحنث.