بالعدو وطالب الحق لا يتحقق عداوته وأجيب عنه بان العاجز عن الأداء لا يجوز حبسه فيكون الحابس ظالما وبالمنع من اختصاص الصد بالمنع من العدو ولأنهم عدوا من أسبابه فناء النفقة وفوت الوقت ونحو ذلك وفيه تأمل ويمكن الاستناد في الحكم المذكور إلى بعض الروايات الواقع بلفظ الصد فإنه بمعنى المنع لغة فيشمل محل البحث {وكذا المظلوم} يحتمل ان يكون المراد انه يجوز تحلل المحبوس ظلما كما يجوز تحلل العاجز عن أداء الدين وهو باطلاقه يقتضى عدم الفرق بين ان يكون المطلوب منه مقدورا أو غيره ولابين كونه مجحفا أو غيره ويحتمل ان يكون المراد ان المحبوس ظلما كالمحبوس بالدين في التفصيل الذي مر فيه والمتبادر المعنى الأول ونقل التصريح به عن المصنف في جملة من كتبه وأورد عليه انه صرح (المص) وغيره ان الممنوع بالعد وإذا طلب منه مال يجب بذله مع المكنة وهذا يقتضى ثبوت هذا الحكم في المحبوس ظلما للمال المقدور والجواب بالفرق بين المسئلتين بان الحبس ليس بخصوص المنع من الحج ولا يندفع بالاعراض عن الحج بخلاف منع العدو فإنه للمنع من المسير ويندفع بالاعراض عنه فيجب بذل المال في الثاني لأنه بسبب الحج دون الأول ضعيف لان مقتضى بذل المال للعدو المانع من المسير انما هو توقف الواجب عليه وهو آت في محل البحث ونقل عن السيد عميد الدين انه نقل الاجماع على عدم وجوب بذل غير المستحق وهو غير ثابت {ولوا صابر} لم يتحلل بالهدى {ففات الحج لم يجز التحلل بالهدى بل بالعمرة ولادم} إذ قد تعلق به حكم الفوات و (ح) يجب عليه القضاء إن كان الحج واجبا مستقرا كما هو حكم من فاته الحج ولو استمر المنع من مكة بعد الفوات تحلل من العمرة بالهدى وفى الدروس وعلى هذا فلو صار إلى بلده ولما يتحلل وتعذر العود في عامه الخوف الطريق فهو مصدود فله التحلل بالذبح والتقصير في بلده {ولو صدا المفسد فعليه بدنة ودم التحلل والحج من قابل} واحتجوا عليه بان الصد موجب للهدى والافساد موجب للاتمام والبدئة وإعادة الحج سقط الاتمام بالصد فيبقى وجوب البدنة والإعادة بحاله وذكر جماعة من الأصحاب انه لم يكف الواحدة ان قلنا إن الأولى فرضه والثانية عقوبة وقيده بعضهم بتقدير استقرارها أو بقاء الاستطاعة لان التحلل من حجة الاسلام على تقدير استقرارها يقتضى وجوب الاتيان به بعد ذلك وان لم يفسده فعند الافساد وجب عليه الاتيان بذلك الحج ووجب عليه حجة أخرى عقوبة بسبب الافساد والحاصل ان حجة الاسلام لم يحصل وحجة العقوبة لا يجزى عنها وعند عدم الاستقرار وعدم بقاء الاستطاعة لا يجب غير حجة العقوبة وإن كانت الأولى عقوبة والثانية فرضه فالظاهر الاكتفاء بالحجة الواحدة لسقوط حجة العقوبة وانتفاء وجوب قضائها بالأصل واحتمل بعضهم وجوب الحجتين على هذا التقدير محتجا بوجوب قضاء حجة العقوبة بناء على أن كل حجة واجبة قد صد عنها يجب قضاؤها وفيه منع {فلو انكشف العدو بعد التحلل واتسع الزمان للقضاء وجوب وهو حج يقضى لسنة} اختلف كلام المتأخرين في تفسير مثل هذه العبارة وأقرب الوجوه ان هذا الحكم مبنى على أن الحجة الأولى عقوبة وانه لا يجب قضاء حجة العقوبة بيان ذلك أنه إذا انكشف العدو بعد التحلل والوقت باق فلا ريب في وجوب الاتيان بالحج فان قلنا إن اكمال الأولى التي قد فسدت عقوبة سقطت العقوبة بالتحلل واستأنف عند زوال العذر حجة الاسلام ولا يجب عليه غيرها بناء على عدم وجوب قضاء حجة العقوبة فالمراد بقوله حج يقضى لسنته انه لا يبقى في ذمته بعده حج اخر والمراد بالقضاء التدارك وان قلنا إن الفاسدة حجة الأسلم أو قلنا بقضاء حج العقوبة لم يكن حجا يقضى لسنة لان الواقع بعد التحلل في السنة الأولى حجة الاسلام ويبقى حجة العقوبة في ذمته والفائدة في ايراد باقي الوجوه التي قيل في هذا المقام قليلة فالاعراض عنه أولي وان {لم يكن تحلل مضى فيه وقضاه في القابل} بناء على وجوب اتمام الفاسد وقضاؤه في القابل {والمحصور وهو الممنوع بالمرض عن مكة أو الموقفين} والكلام فيما يتحقق به الحصر كما مر في المصدود يبعث ما ساقه والا أي وان لم يسق {يبعث هديا أو ثمنه} ليشرى به هدى {ويتم محرما حتى يبلغ الهدى محله إما منى للحاج أو مكة للمعتمر} لا اعلم خلافا بين الأصحاب في أن المحصر يتحلل بالهدى ونقل بعضهم اجماعهم عليه والكلام في الاكتفاء بالهدى المسوق كما مر في المصدود واختلف الأصحاب في وجوب البعث وجواز ذبحه في موضع الحصر فذهب الأكثر إلى وجوب بعثه إلى منى إن كان حاجا والى مكة إن كان معتمرا ولا يحل حتى يبلغ الهدى محله ونقل عن ابن الجنيد انه خير الحصر بين البعث وبين الذبح حيث احصر وعن الجعفي أنه قال يذبح مكان الاحصار ما لم يكن ساق وعن سلار ان المقطوع ينحر مكانه ويتحلل حتى من النساء والمفترض يبعث ولا يتحلل من النساء حجة القول بوجوب البعث ظاهر قوله تعالى " ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدى " محله وما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) وعن رفاعة في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) انهما قالا القارن يحصر وقد قال واشترط فحلني حيث حبستني قال يبعث بهديه قلنا هل يتمتع في قابل قال لا و لكن يدخل في مثل ما خرج منه وعن معوية بن عمار في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل احصر فبعث بالهدى فقال تواعد أصحابه ميعادا فإن كان في حج فمحل الهدى يوم النحر إذا كان يوم النحر فليقص من رأسه ولا يجب الحلق حتى ينقضى مناسكه وإن كان في عمرة فلينتظره مقدار دخول أصحابه مكة والساعة قصر وأحل وإن كان مرض في الطريق بعدما أحرم فأراد الرجوع إلى أهله رجع ونحر بدنة ان أقام مكانه وإن كان في عمرة فإذا برأ فعليه العمرة واجبة وإن كان عليه الحج رجع إلى أهله وأقام ففاته الحج وكان عليه الحج من قابل فان ردوا الدراهم عليه ولم يجدوا هديا ينحرونه وقد أحل لم يكن عليه شئ ولكن يبعث من قابل ويمسك ايض وقال إن الحسين بن علي (ع) خرج معتمرا فمرض في الطريق فبلغ عليا (ع) وهو بالمدينة فخرج في طلبه فأدركه في السقيا وهو مريض فقال يا بنى ما تشكى فقال اشتكى رأسي فدعا علي (ع) ببدنة فنحرها وحلق رأسه ورده إلى المدينة فلما يرى من وجعه اعتمر فقلت له أرأيت حين برئ من وجعه أحل له النساء فقال لا تحل له النساء حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة قلت فما بال النبي (ص) حيث رجع إلى المدينة حل له النساء ولم يطف بالبيت فقال ليس هذا مثل هذا النبي صلى الله عليه وآله كان مصدودا والحسين (ع) كان محصورا وروى الكليني عن معوية بن عمار في الصحيح باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول المحصور غير المصدود والمحصور المريض والمصدود الذي يصده المشركون كما ردوا رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه ليس من مرض والمصدود تحل له النساء والمحصور لا تحل له النساء قال وسألته عن رجل احصر فبعث بالهدى قال يواعد أصحابه ميعاد إن كان في الحج فمحل الهدى يوم النحر فإذا كان يوم النحر فليقص من رأسه ولا يجب عليه الحلق حتى يقضى المناسك وإن كان في عمرة فلينظر مقدار دخول أصحابه مكة والساعة التي يعدهم فيها فإذا كان تلك الساعة قصر وأحل وإن كان مرض في الطريق بعدما يخرج فأراد الرجوع رجع إلى أهله ونحر بدنة أو أقام مكانه حتى يبرء إذا كان في عمرة وإذا أبرء فعليه العمرة واجبة وإن كان عليه الحج فرجع أو أقام ففاته الحج فان عليه الحج من قابل فان الحسين بن علي (ع) خرج معتمرا فمرض في الطريق فبلغ عليا (ع) وهو بالمدينة فخرج في طلبه فأدركه في السقيا وهو مريض بها فقال يا بنى ما تشتكي فقال اشتكى رأسي فدعا علي (ع) ببدنة فنحرها وحلق رأسه ورده إلى المدينة فلما برء من وجعه اعتمر قلت أرأيت حين برء من وجعه قبل ان يخرج إلى العمرة حل له النساء حتى يطوف بالبيت وبالصفا
(٧٠٢)