بهدى السياق عن هذى الاحصار وهو قول الأكثر وعن علي بن بابويه إذا قرن الرجل الحج والعمرة واحصر بعث هديا مع هديه ولا يحل حتى يبلغ الهدى ونحوه مذكور في الفقيه وحكى عن ابن إدريس ما ملخصه ان مراده اقران كل من الحج والعمرة على الانفراد بهدى يشعره أو يقلده لا ان يقرن بينهما لان هذا مذهب المخالفين ثم ذكر ان مع الاشعار والتقليد يجب هدى اخر للاحصار لوجوب الأول بغير الاحصار فيجب بالآية وفى (المخ) انه قوى معتمد غير أن باقي أصحابنا قالوا يبعث بهديه الذي ساقه ولم يقولوا يبعث بهدى اخر وعن ابن الجنيد فإذا احصر ومعه هدى قد أوجبه بعث بهدى اخر مع احصاره فإن لم يكن أوجبه بحال من اشعار ولاغيره اجزاه عن احصاره واستحسنه في (المخ) ولم اطلع في كلام المتقدمين على تصريح بهذا في الصد لكن الظاهر انسحاب خلافهم فيه وبهذا ساق المتأخرون الخلاف فيه (ايض) ولم اقف على حجة لمن يدعى عدم التداخل سوى دعوى ان اختلاف الأسباب يقتضى اختلاف المسببات وهو بمكان من الضعف وكذا ما يقال إن الأصل عدم التداخل والأقرب حصول التداخل لصدق الامتثال وأصالة البراءة من التكليف بالزائد والأقرب عدم وجوب بعث الهدى وجواز ذبحه في موضع الصد وفيه خلاف لبعض الأصحاب {ولا يدل لهدى التحلل فان عجز عنه} أي عن هدى التحلل {لم يتحلل وان حل} بان يأتي بأفعال المحلين وهذا هو المعروف بين الأصحاب وعن ابن الجنيد انه حكم بالتحلل بمجرد النية عند عدم الهدى لأنه ممن لم يتيسر له هدى حجة الأول تعلق النص بالهدى وبدلية غيره يحتاج إلى دليل ولم يثبت وهو حسن لكن الحكم بالبقاء على احرامه يتوقف على حجته الاستصحاب في أمثال هذه المواضع وللتأمل فيه مجال وعن بعض الأصحاب أنه قال بعد نسبة القول الأول إلى الشهرة والقول الأخر إلى بعض الأصحاب وروى أن له بدلا وهو صوم ثمانية عشر يوما لكن لم يعلمه على وجه يسوغ العمل به ثم نقل قولا بأنه عشرة كهدى التمتع قال لكن لم يشترط فيها المتابعة وكونها في الحج أو غيره والذي وصل إلى في هذا الباب من الرواية ما رواه الكليني عن معوية بن عمار في الحسن عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في المحصور ولم يسق الهدى قال ينسك ويرجع فإن لم يجد هديا صام وروى الصدوق عن معوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في المحصور ولم يسق الهدى قال ينسك ويرجع قيل فإن لم يجد هديا قال يصوم وما رواه الشيخ عن زرارة في القوى عن أبي جعفر (ع) قال إذا احصر الرجل فبعث بهديه واذاه رأسه قبل ان ينحر فحلق رأسه فإنه يذبح في المكان الذي احصر فيه أو يصوم أو يطعم ستة مساكين وما رواه الكليني عن زرارة في الضعيف عن أبي جعفر (ع) قال إذا احصر الرجل فبعث بهديه فاذاه رأسه قبل ان ينحر هديه فإنه يذبح شاة في المكان الذي احصر فيه أو يصوم أو يتصدق والصوم ثلاثة أيام والصدقة على ستة مساكين نصف صاع لكل مسكين والروايتان الأخيرتان لا تصلحان لتأسيس الحكم الشرعي والأوليان يحمل المتن ولا يبعد حمل الصوم الواقع فيهما على الواجب في بدل الهدى والروايات مختصة بالمحصور والحاق المصدود به في ذلك يحتاج إلى دليل وعلى القول بقاء المصدر على احرامه يستمر عليه إلى أن يتحقق الفوات فيتحلل (ح) بعمرة ان أمكن والابقى على احرامه إلى أن يجد الهدى أو يتمكن من العمرة {ولا صد بالمنع عن منى} وقد مر الكلام فيه سابقا {ولو احتاج إلى المحاربة لم يجب وان غلب ظن السلامة} وهذا الحكم مقطوع به في كلامهم واحتج عليه (المص) في المنتهى بان في التكليف بالقتال مشقة زائدة وحرجا عظيما لاشتماله على المخاطرة بالنفس والمال فكان منفيا بقوله (تع) ما جعل عليكم في الدين من حرج وقوله لا ضرر ولاضرار وهذا الاحتجاج يقتضى اختصاص الحكم بصورة المشقة وصرح في المنتهى بعدم الفرق في العدو بين المسلم والمشرك في جواز قتالهم لكن حكم في المسلمين بان الأولى الانصراف عنهم وترك قتالهم الان في قتالهم مخاطرة وبالنفس والمال وقتل مسلم الا ان يدعوهم الامام أو من نصبه إلى قتالهم لانهم بعدوا عن المسلمين بمنعهم طريقهم فاشبهوا سائر قطاع الطريق وحكم في المشركين بأنه ان أغلب على ظن المسلمين القهر لهم والظفر استحب قتالهم لما فيه من الجهاد وحصول النصر واتمام النسك ودفعهم عن منع السبيل و لو غلب على الظن ظفا الكفار انصرفوا عنهم من غير قتال لئلا يغروا بالمسلمين وعن الشيخ في المبسوط إذا احرموا وصدهم العدو فإن كان مسلما كالاعراب والأكراد فالأولى ترك قتالهم وينصرفون إلى أن يدعوهم الامام أو من نصبه إلى قتالهم وإن كان مشركا لم يجب على الحاج قتالهم لان قتال المشركين لا يجب الا بإذن الامام والدفع عن النفس والاسلام وليس هنا واحد منها وإذا لم يجب فلا يجوز (انص) سواء كانوا قليلين أو كثيرين وصرح ابن الجنيد بالجواز حيث قال ولو طمع المحرم في دفع من صده إذا كان ظالما له بقتال وغيره كان ذلك جائرا ولو اتى على النفس التي صده سواء كان كافرا أو ذميا أو ظالما ونفى عنه الناس في المختلف وقطع في الدروس بجواز القتال في الموضعين نظرا إلى أن القتال على هذا الوجه ليس من باب الجهاد حتى يتوقف على اذن الامام بل من باب النهى عن المنكر واستشكله بعضهم نظرا إلى منع عدم فتوقف النهى المؤدى إلى القتال والحرج إلى اذن الامام والى ان ذلك لو تم لم يتوقف الجواز على ظن الظفر وان الحاقة بباب النهى عن المنكر يفضى إلى وجوبه لا إلى جوازه بالمعنى الأخص قال و نعم قد اتفقوا على عدم الوجوب مطلقا ومن المتأخرين من استجود كلام الشهيد ثم قال على أن المانع ان يمنع توقف الجهاد على الاذن إذا كان لغير الدعوة إلى الاسلام فانا لم نقف لهم في ذلك على دليل يعتد به {ولو افتقر إلى بذل مال مقدور عليه فالوجه الوجوب} وظاهر كلام (المص) عدم الفرق بين كونه مجحفا أو غير مجحف وهو اختيار بعض المتأخرين من الأصحاب ونقل (المص) في المنتهى الاجماع على عدم وجوب البذل لو لم يكن العدو مأمونا وقطع بعدم الوجوب فيما لو كان مأمونا لكن يكون المال كثيرا وبكراهة البذل في صورة كثرة المال لو كان العدو مشتركا لان فيه صغارا وتقوية للمشركين وإن كان المال قليلا فنقل عن الشيخ عدم الوجوب وله التحلل كما لا يجب في ابتداء الحج بذل المال إذا لم يجد طريقا أمنا ثم قال ولو قيل بوجوبه مع امكان التحمل من غير اضرار كان حسنا واستحسن المحقق وجوبه إذا كان غير مجحف مع أنه اختار وجوب البذل مع القدرة إذا كان العدو في الطريق قبل التلبس والأقرب الأول لتحقق الاستطاعة بالبذل وعدم ما يصلح للمعارضة {ولو ظن مفارقة العدو قبل الفوات جاز التحلل والأفضل البقاء على احرامه فان فارق} العدو قبل الفوات {أتم والا} أي وان لم يفارق العدو قبل الفوات {تحلل بعمرة} إما جواز التحلل فهو المعروف من مذهب الأصحاب ويلوح من كلام الشهيد الثاني ان التحلل انما يسوغ إذا لم يبرح المصدود زوال العذر قبل خروج الوقت حجة الأول تحقق الصد في موضع البحث فيلحقه حكمه وفيه نظر لعدم ظهور العموم في الروايات التي هي مستند الحكم بحيث يشمل محل البحث وعدم ثبوت شمول الآية للمصدود واما أفضلية البقاء فمقطوع به في كلامهم من غير نقل خلاف وعلله بعض الأصحاب بظاهر الامر بالاتمام وفيه تأمل وكيف ما كان فالظاهر جواز البقاء على الاحرام للمصدود في احرام الحج وعمرة التمتع إلى أن يتحقق الفوات فيتحلل بالعمرة كما هو شأن من فاته الحج ويجب عليه اكمال أفعال العمرة ويتحلل منها بالهدى ان استمر المنع والا بقى على الحرامه إلى أن يأتي بافعالها ولو كان احرامه بعمرة مفردة لم يتحقق الفوات بل يتحلل منها عند تعذر اكمالها ولو اخر التحلل كان جائزا فان يئس من زوال العذر تحلل بالهدى (ح) والمحبوس القادر على الدين غير مصدود وغيره أي غير القادر على الدين مصدودا إما الحكم الأول فواضح البطلان لحصول التمكن من الميسر بأداء الدين فلا يكون مصدودا واما الثاني فعلله (المص) في المنتهى بتحقق الصد الذي هو المنع لعجزه عن الوصول بسبب الاعسار واستشكله بعضهم بان المصدود هو الممنوع مطلقا بل الممنوع
(٧٠١)