ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لصلاة العشاء الآخرة قالت: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلي أبي بكر أن يصلي بالناس، فقال أبو بكر وكان رجلا رقيقا: يا عمر صل بالناس، قالت، فقال عمر: أنت أحق بذلك، قالت: فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وجد من نفسه خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن لا تتأخر وقال لهما: أجلساني إلى جنبه فأجلساه إلى جنب أبي بكر، فكان أبو بكر يصلي وهو يأتم بصلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قاعد. والحديث له فوائد مبسوطة في شروح الحديث، وقد ساقه المصنف ههنا للاستدلال به على استحباب الاغتسال للمغمى عليه، وقد فعله النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث مرات وهو مثقل بالمرض فدل ذلك على تأكد استحبابه.
باب صفة الغسل عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ الماء ويدخل أصابعه في أصول الشعر، حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حثيات ثم أفاض على سائر جسده ثم غسل رجليه أخرجاه. وفي رواية لهما: ثم يخلل بيديه شعره حتى إذا ظن أنه قد أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات.
قوله: إذا اغتسل أي أراد ذلك. وفي الفتح أي شرع في الفعل. قوله: وضوءه للصلاة فيه احتراز عن الوضوء اللغوي، قال الحافظ: يحتمل أن يكون الابتداء بالوضوء قبل الغسل سنة مستقلة بحيث يجب غسل أعضاء الوضوء مع بقية الجسد، ويحتمل أن يكتفي بغسلها في الوضوء عن إعادته، وعلى هذا يحتاج إلى نية غسل الجنابة في أول عضو، وإنما قدم غسل أعضاء الوضوء تشريفا لها ولتحصل له صورة الطهارتين الصغرى والكبرى.
وإلى هذا جنح الداودي شارح المختصر، ونقل ابن بطال الاجماع على أن الوضوء لا يجب مع الغسل وهو مردود، فقد ذهب جماعة منهم أبو ثور وداود وغيرهما إلى أن الغسل