هذا الحديث مقال. وقال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل عنه فضعفه وقال: ما أدري ما هذا والحديث يدل على أنه يغسل ما أقبل من الاذنين مع الوجه ويمسح ما أدبر منهما مع الرأس، وإليه ذهب الحسن بن صالح والشعبي، وذهب الزهري وداود إلى أنهما من الوجه فيغسلان معه. وذهب من عداهم إلى أنهما من الرأس فيمسحان معه. وفيه أيضا استحباب إرسال غرفة من الماء على الناصية لكن بعد غسل الوجه لا كما يفعله العامة عقيب الفراغ من الوضوء. وفيه أنه لا يشترط في غسل الرجل نزع النعل وأن الفتل كاف، وقد قدمنا عن الحافظ في باب إيصال الماء إلى باطن اللحية الكثة أن رواية المسح على النعل شاذة لأنها من طريق هشام بن سعد ولا يحتج بما تفرد به، وأبو داود لم يروها من طريقه ولا ذكر المسح ولكنه رواها من طريق محمد بن إسحاق عنعنة وفيه مقال مشهور إذا عنعن. وقد احتج من قال بتثليث مسح الرأس برواية أبي داود التي ذكرناها، واحتج القائل بأنه يمسح مرة واحدة بإطلاق المسح في حديث الباب وتقييده بالمرة في رواية، وسيأتي الكلام عليه في باب هل يسن تكرار المسح. وقوله: وألقم إبهاميه جعل إبهاميه للبياض الذي بين الاذن والعذار كاللقمة للفم توضع فيه. واستدل بذلك الماوردي على أن البياض الذي بين الاذن والعذار من الوجه كما هو مذهب الشافعية. وقال مالك:
ما بين الاذن واللحية ليس من الوجه. قال ابن عبد البر: لا أعلم أحدا من علماء الأمصار قال بقول مالك، وعن أبي يوسف يجب على الأمرد غسله دون الملتحي. قال المصنف رحمه الله تعالى: وفيه حجة لمن رأى ما أقبل من الاذنين من الوجه انتهى وقد تقدم.
باب غسل اليدين مع المرفقين وإطالة الغرة عن عثمان رضي الله عنه أنه قال: هلم أتوضأ لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فغسل وجهه ويديه حتى مس أطراف العضدين ثم مسح برأسه ثم أمر بيديه على أذنيه ولحيته ثم غسل رجليه رواه الدارقطني.
الحديث في إسناده ابن إسحاق وقد عنعن. قوله: هلم اسم فعل بمعنى قرب جاء لازما كقوله تعالى: * (هلم إلينا) * (الأحزاب: 18) ومتعديا كقوله تعالى:: * (هلم شهداءكم) * (الانعام: 150) ويستوي فيه عند الحجازيين بين الواحد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث فيقال: هلم يا رجل، وهلم يا رجال، وهلم يا امرأة، وفي لغة بني تميم يتغير كتغير أمر المخاطب نحو هلما وهلموا وهلمي. قوله: حتى مس أطراف العضدين