بشهر فكان ناسخا لسائر الأحاديث. وأجيب بأنه قد أعل بالاضطراب والارسال كما سيأتي، فلا ينتهض لنسخ الأحاديث الصحيحة، وأيضا التاريخ بشهر أو شهرين كما سيأتي فعل لأنه من رواية خالد الحذاء، وقد خالفه شعبة وهو أحفظ منه وشيخهما واحد، ومع إعلال التاريخ يكون معارضا للأحاديث الصحيحة وهي أرجح منه بكل حال، فإنه قد روي في ذلك أعني تطهير الدباغ للأديم خمسة عشر حديثا عن ابن عباس حديثان، وعن أم سلمة ثلاثة، وعن أنس حديثان، وعن سلمة بن المحيق وعائشة والمغيرة وأبي أمامة وابن مسعود وشيبان وثابت وجابر. وأثران عن سودة وابن مسعود على أنه لا حاجة إلى الترجيح بهذا لأن حديث ابن حكيم عام وأحاديث التطهير خاصة فيبنى العام على الخاص، أما على مذهب من يبني العام على الخاص مطلقا كما هو قول المحققين من أئمة الأصول فظاهر، وأما على مذهب من يجعل العام المتأخر ناسخا فمع كونه مذهبا مرجوحا لا نسلم تأخر العام هنا لما ثبت في أصول الاحكام والتجريد من كتب أهل البيت أن عليا قال: قال رسول الله (ص): لا ينتفع من الميتة بإهاب ولا عصب فلما كان من الغد خرجت فإذا نحن بسخلة مطروحة على الطريق فقال: ما كان على أهل هذه لو انتفعوا بإهابها؟ فقلت: يا رسول الله أين قولك بالأمس؟ فقال: ينتفع منها بالشئ ولو سلمنا تأخر حديث ابن عكيم لكان ما أسلفنا عن النضر بن شميل من تفسير الإهاب بالجلد الذي لم يدبغ، وما صرح به صاحب الصحاح ورواه صاحب القاموس كما قدمنا موجبا لعدم التعارض، إذ لا نزاع في نجاسة إهاب الميتة قبل دباغه. فالحق أن الدباغ مطهر، ولم يعارض أحاديثه معارض من غير فرق بين ما يؤكل لحمه وما لا يؤكل وهو مذهب الجمهور، قال الحازمي:
وممن قال بذلك يعني جواز الانتفاع بجلود الميتة ابن مسعود وسعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والحسن بن أبي الحسن والشعبي وسالم يعني بن عبد الله وإبراهيم النخعي وقتادة والضحاك وسعيد بن جبير ويحيى بن سعيد الأنصاري ومالك والليث والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة وأصحابه وابن المبارك والشافعي وأصحابه وإسحاق الحنظلي، وهذا هو مذهب الظاهرية كما سيأتي. المذهب الثالث: أنه يطهر بالدباغ جلد مأكول اللحم ولا نطهر غيره. قال النووي: وهو مذهب الأوزاعي وابن المبارك وأبي ثور وإسحاق بن راهويه، واحتجوا بما في الأحاديث من جعل الدباغ في الأهب كالذكاة، وقد تقدم بعض ذلك