الختان كما سيأتي، وقد ذهب إلى ذلك الخلفاء الأربعة والعترة والفقهاء وجمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وروى ابن عبد البر عن بعضهم أنه قال: انعقد إجماع الصحابة على إيجاب الغسل من التقاء الختانين، قال: وليس ذلك عندنا كذلك ولكنا نقول: إن الاختلاف في هذا ضعيف، وإن الجمهور الذين هم الحجة على من خالفهم من السلف والخلف انعقد إجماعهم على إيجاب الغسل من التقاء الختانين أو مجاوزة الختان الختان انتهى. وجعلوا أحاديث الباب ناسخة لحديث: الماء من الماء وخالف في ذلك أبو سعيد الخدري وزيد بن خالد وابن أبي وقاص ومعاذ ورافع بن خديج. وروي أيضا عن علي ومن غير الصحابة عمر بن عبد العزيز والظاهرية وقالوا: لا يجب الغسل إلا إذا وقع الانزال، وتمسكوا بحديث: الماء من الماء اتفق عليه، ويمكن تأييد ذلك بحمل الجهد المذكور في الحديث على الانزال ولكنه لا يتم بعد التصريح بقوله: وإن لم ينزل في رواية مسلم وأحمد، وأصرح من ذلك حديث عائشة الآتي بعد هذا لتصريحه بأن مجرد مس الختان للختان موجب للغسل، ولكنها لا تتم دعوى النسخ التي جزم بها الأولون إلا بعد تسليم تأخر حديث أبي هريرة وعائشة وغيرهما، وقد ذكر المصنف حديث أبي بن كعب وحديث رافع بن خديج للاستدلال بهما على النسخ وهما صريحان في ذلك وسنذكرهما، وقد ذكر الحازمي في الناسخ والمنسوخ آثارا تدل على النسخ، ولو فرض عدم التأخر لم ينتهض حديث: الماء من الماء لمعارضة حديث عائشة وأبي هريرة لأنه مفهوم وهما منطوقان والمنطوق أرجح من المفهوم. قال النووي: وقد أجمع على وجوب الغسل متى غابت الحشفة في الفرج، وإنما كان الخلاف فيه لبعض الصحابة ومن بعدهم ثم انعقد الاجماع على ما ذكرنا، وهكذا قال ابن العربي وصرح أنه لم يخالف في ذلك إلا داود. قوله: فقد وجب عليه الغسل هو بضم الغين المعجمة اسم للاغتسال، وحقيقته إفاضة الماء على الأعضاء، وزادت الهادوية مع الدلك، ولم نجد في كتب اللغة ما يشعر بأن الدلك داخل في مسمى الغسل، فالواجب ما صدق عليه اسم الغسل المأمور به لغة، اللهم إلا أن يقال حديث: بلوا الشعر وأنقوا البشر على فرض صحته مشعر بوجوب الدلك لأن الانقاء لا يحصل بمجرد الإفاضة. لا يقال: إذا لم يجب الدلك لم يبق فرق بين الغسل والمسح. لأنا نقول:
المسح الامرار على الشئ باليد يصيب ما أصاب ويخطئ ما أخطأ فلا يجب فيه الاستيعاب، بخلاف الغسل فإنه يجب فيه الاستيعاب.